رغم انقضاء اليوم الرابع على بدء مراسم العزاء في شهيد الوطن اللواء الركن عبدالرحمن أبوجرفه الشهراني قائد اللواء الثامن عشر بمنطقة جازان، والذي استشهد إثر إصابته وهو يدافع عن الدين والوطن الأحد الماضي.
توافد الآلاف من المعزين إلى مخيم العزاء في مركز تندحة بمحافظة خميس مشيط، من جميع أرجاء منطقة عسير ومن مناطق نجران وجازان، من زملاء وأصدقاء الشهيد، كما وصل إلى موقع العزاء أعداد كبيرة لا يعرفهم أهل العزاء، والذين رأوا أن واجب الأخوة وأداء الواجب وحق الشهيد عليهم أن يصلوا إلى أسرته وأقاربه وقبيلته، للعزاء والدعاء، فقد وصل إلى مخيم العزاء أعداد كبيرة من قبائل عسير سراة وتهامة وقبائل قحطان ووادعة ويام، ومن مناطق المملكة الأخرى، واليوم وفي ثالث أيام العزاء وصل وفد من مشائخ وأهالي جازان ووفد من أهالي محافظة فيفا، ووفد من الجالية اليمنية في منطقة عسير، عوضاً عن مجموعات متفرقة من زملاء الشهيد من الضباط والأفراد الذين استثمروا ساعات الاستراحة التي تمنح لبعضهم ممن هم في الخطوط الخلفية في الحدود الجنوبية والتي تمنح لهم بين وقت وآخر لزيارة أسرهم والاطمئنان على أحوال أبنائهم، حيث استثمروها في الوصول إلى مقر العزاء والذي يبعد أكثر من 600 كيلو متر ذهاباً وإياباً فأدوا واجب العزاء وعادوا إلى أعمالهم على جبهة القتال والنصر بإذن الله، وهم يتذكرون أن قدوتهم ذلك القائد الفذ الذي واجه العدو بصدره يدافع عن دينه ووطنه، رغم أن مثله من القيادات لايكون مكانه في مقدمة الجنود، بل مشرفاً ومراقباً لعمليات القتال وخطة الحرب، ولكنه رحمه الله، وكما روى غير واحدٍ من زملائه وجنوده، كان يصرّ على أن يكون الأول في كل عملية يقوم بها زملاؤه، يشاركهم كل شيء، من مكان النوم، وقاعة الجلوس والاستراحة، وطاولة الطعام، حتى ساحة القتال.
سُرادق العزاء للشهيد اللواء الركن عبدالرحمن الشهراني اختلف عمّا تعارف عليه الناس في مجالس العزاء في كل أرجاء المملكة، والتي يخيّم عليها الحزن، والألم.. فقد تحول مخيم العزاء خلال الأيام الثلاثة الماضية إلى منبرٍ للخطابة والشعر، وتناول المتحدثون والشعراء مآثر الشهيد ومناقبه، ومكارم خلقه، ومآثره الطيبة بين كل من عرفه، حيث ألقيت القصائد والكلمات، التي يسبقها ويعقبها الدعاء الخالص للشهيد وجميع شهداء الدين والوطن، بالرحمة والمغفرة، وأن يكتبهم الله مع النبيين والصديقين والشهداء في جنات الفردوس الأعلى..
أسرة وأقارب الشهيد والذين اختلطت مشاعرهم بين الشكر والحزن، والفرح والدعاء، عبروا عن هذا المشهد العظيم الذي عاشوه خلال ثلاثة أيام كانت كفيلة بأن تختصر لهم السيرة الحقيقية المشرّفة لابنهم اللواء ركن عبدالرحمن، فيما وقف أبناء الشهيد يقرؤون في عيون ومشاعر ووجوه كل الواصلين إلى المكان حبٌّ من نوع آخر للفقيد الغالي، لم يتوقعوا أن في قلوب الناس كل هذه المكانة الكبيرة لوالدهم الغالي.. هذه الصورة التي لا تتكرر كثيراً خففت من ألم المصاب، ومصيبة الفقد، وحققت ماجاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ.. “قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ، قَالَ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، قَالَ: ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا، فَأَبْغِضْهُ قَالَ فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ، قَالَ فَيُبْغِضُونَهُ ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ”… رواه مسلم.
اابو جرفه لم يكن قائدي فقط بل ابي واخي وزميلي ورجل لا يعوضه التاريخ الشمراني [email protected]
اابو جرفه لم يكن قائدي فقط بل ابي واخي وزميلي ورجل لا يعوضه التاريخ الشمراني [email protected]
رحمه الله