حظي برنامج “التحول الوطني” بدعم سياسي كبير غير مستغرب، و بنقاشات ولقاءات عالية الاحترافية والمهنية، تمثلت في عقد سلسلة من ورش العمل شارك فيها المئات من المسؤولين والمواطنين، ونشرت المحاور على موقع البرنامج على الانترنت ليتم بعدها صياغة محاوره بدقة و وضع آلية تنفيذ مبرمجة، وأدوات قياس إنجاز مقننة، تهدف نحو تحقيق هذا الحلم الواعد في غضون سنوات يسيرة.
وعلى الرغم من الرغبة المجتمعية الجامحة نحو التحول والتطوير، ولتوفر الإمكانات المادية والكوادر البشرية المؤهلة لقيادة التحول بالشكل المطلوب، غير أنه لابد وأن يضمن البرنامج المشاركة المجتمعية الشاملة وتفاعلها الإيجابي مع البرنامج ومحاوره حتى تتحقق الغايات المنشودة، بعد توفيق الله وعونه.
ولكي لا يكون المستهدف في وادٍ والمخطط والمنفذ في وادٍ آخر، لابد بداية أن يلمس المستهدف (المواطن) بيديه، ويرى بعينيه، و يدرك بعقله الضرورة للتحول لضمان أن يستقل ـ طواعية ـ عربة التحول؛ وما عدا ذلك فأخشى أن تذهب الجهود سُدى، وهذا ما أكدته أدبيات التغيير المعتبرة.
لا يكفي أن يبقى المواطن في مقاعد المتفرجين؛ حيادياً؛ ناهيك عن أن يكون بعيداً عن صناعة هذا الحدث، رافضاً له؛ فلابد أن يكون ضمن ركّاب العربة، متفاعلاً معه! وهذا هو المفتاح الحقيقي لنجاح البرنامج.
وبما أن التعليم هو المَحْضِنُ الأساس الذي تُفتح به العقول، وتُصقل من خلاله المهارات، وتُستنبت في مؤسساته المعارف، وتتوسع في رحابه المدارك، وتُبنى بين أروقته الاتجاهات، وحيث أن مؤسسات التعليم في المملكة تضم أكثر من ثلث المواطنين من طلبه ومعلمين ومعلمات وأعضاء هيئة تدريس وموظفين ومسؤولين، وكل واحد منهم له امتداد أسري أو اجتماعي طبيعي لبقية المواطنين، لذلك فإن التعليم هو بيت الجميع، وهو الأداة الوحيدة التي بموجبها يمكن الوصول لكافة أطياف وأفراد المجتمع في أي مكان، حتى وإن كان سفح تل أو قمة جبل أو ضفة وادي أو كثيب رمل؛ سواء كان في مدينة أو قرية أو هجرة!.
ومن أجل أن يكون التعليم القاطرة المؤهلة لبرنامج التحول الوطني، فإنه لابد وأن يضطلع بمسؤولياته التثقيفية الشاملة وفقاً لبرنامج تعريفي دقيق يستهدف كافة شرائحه مراعياً الفئات العمرية وخصائصها المختلفة، ويجب أن يتأكد من أن النسبة العظمى أدركت أبعاد وغايات برنامج التحول الوطني ودورهم فيه، ومدى جاهزية مشاركتهم الفاعلة بناء على مؤشرات قياس أداء مقننة.
وحيث أن برنامج التحول الوطني يعتبر برنامجاً شمولياً يلبي الكثير من التطلعات الآنية، ويستشرف معه المستقبل البعيد، ويستهدف مشاركة المواطن الواسعة في برامج التنمية المختلفة، فإنه ينبغي إعطاء الوقت الكافي للتوعية والتثقيف لحين ضمان استيعاب كلّ أو جُلّ المواطنين قبل أن تسير قافلة البرنامج نحو الغد المشرق والواعد بإذن الله، دون الالتفات لمن تخاذل أو تقاعس أو حاول إبطاء السير بعدئذ.
والله من وراء القصد .
*عضو مجلس الشورى
التعليقات (٠) اضف تعليق