يكتبون

آليات القرار الاستراتيجي للشركات.. مفتاح التغلب على التحديات

المهندس محمد الباز

في أوائل التسعينات؛ كان رائد الأعمال” جون أكرز” يقود شركة “آي بي إم-IBM” العملاقة، وكانت الشركة على مدار سنوات تعاني من تراجع كبير على مستوى المبيعات، والعديد من الخسائر على مستوى الأعمال، بالإضافة إلى نقص حاد في السيولة النقدية كاد أن يعرضها للإفلاس بعد سنين من الريادة في سوق أجهزة الكمبيوتر. وفي محاولته لإنقاذ الشركة قام ” أكرز” باتخاذ قرار استراتيجي يقضي بتقسيم الشركة إلى وحدات متخصصة ومستقلة بذاتها؛ وكان يعتقد أن هذا التقسيم مهمًا من الناحية التنظيمية، وسوف يقلل من تكاليف الانتاج، وبالتالي سيمَّكنه من تقديم أسعار أفضل من حيث المنافسة.

لكن لسوء الحظ كان هذا القرار خاطئًا، وتحول وضع الشركة من سيئ لأسوأ، وعلى أثره تكبدت IBM خسارة تُقدر بحوالي 5 مليار دولار في عام 1992، وكانت هذه تُعد أكبر خسارة لشركة في عام مالي واحد في التاريخ الأمريكي! ثم جاء بعد ذلك سلفه “لويس جريستنر”، ليتولى منصب رئيس مجلس الإدارة في ” IBM” عام 1993، وكان من بين أول القرارات التي قام باتخاذها هي إيقاف تقسيم الشركة، ودمج تلك الوحدات مرة أخرى في كيان واحد، وبفضل هذا القرار الاستراتيجي الصحيح نجح “جريستنر” في انتشال الشركة من حافة الهاوية، وأعادها إلى مكانتها مرة أخرى.

أخبار قد تهمك

هذا المثال يعبر عن حجم خطورة القرار الاستراتيجي على مستوى الشركة، فاختيار البديل الاستراتيجي الملائم يعد من أبرز التحديات التي تواجه صانعي القرار في الشركات، وهي مسألة صعبة وحساسة وتحتاج إلى تشخيص دقيق لموقف الشركة، وتحليل كافة المستويات لاختيار البديل المناسب. ولحسن الحظ هناك العديد من أدوات التحليل التي تساعد القائمين بالتخطيط الاستراتيجي في تقييم البدائل الاستراتيجية على مستوى النشاط الواحد أو الاستثمار أو المنطقة الجغرافية أو المنتج، وهذه الأدوات تساعدهم على المفاضلة بين البدائل الاستراتيجية المختلفة واختيار الاستراتيجية الملائمة أو اختيار الجمع بين أكثر من استراتيجية في وقت واحد. وتُصنف هذه الأدوات على مستويين: أولًا: أدوات التحليل على مستوى النشاط، وترتكز تلك الأدوات على عدة عناصر أساسية مثل: • حصة السوق Market share وهي النسبة التي تستحوذ عليها الشركة من إجمالي المبيعات في السوق الذي تعمل فيه خلال فترة زمنية محددة. • معدل النمو Growth Rate وهو مقياس زيادة الشركة في الإيرادات وإمكانية التوسع خلال فترة زمنية محددة، ويتم التعبير عنه بنسب مئوية. • دورة حياة المنتج Product life cycle: وتتمثل في مراحل تطور المنتج داخل السوق منذ ظهوره ونموه وحتى تراجعه واختفائه. ثانيًا: أدوات التحليل على مستوى الشركة نفسها وهي عبارة عن تحليل لمحفظة أنشطة المشروع (Business portfolio)، والتي تضم مجموعة من الأنشطة أو الأعمال أو السلع أو الأسواق أو الاستثمارات التي تتعامل فيهم الشركة. يساعد هذا التحليل الشركات التي تمتلك مزيجًا من الأنشطة على اختيار الاستراتيجية الملائمة لكل نشاط من خلال تحديد أي الأنشطة أو الاستثمارات أكثر أهمية ويجب الاحتفاظ بها، وأي الأنشطة أو الاستثمارات أصبح غير مهم ويجب التخلص منه، وأي الأنشطة يواجه مشاكل يجب علاجها، وأي الأنشطة يمكن التوسع فيها، وبالتالي تحتاج الشركة إلى إعداد استراتيجية مستقلة لكل مجال من مجالات الأعمال المختلفة. بهذه الآليات سوف تتمكن أي شركة في الأخير من تقييم كافة منتجاتها في السوق بما يساعدها على تحديد أولوياتها والوقوف على موقعها التنافسي بدقة شديدة، وبالتالي اختيار الاستراتيجية الملائمة لتحقيق الأداء المثالي على المدى الطويل، والتغلب على كافة التحديات.

زر الذهاب إلى الأعلى