هناك من ينتظر نتائج الانتخابات الإيرانية على أمل أن تتغير سياسة إيران الخارجية وأن تتغير سياستها مع جيرانها خاصة الحوار العربي، التي كثيراً ما كانت إيران تتعمد بكل السبل التدخل في شؤونها الداخلية، فالانتخابات البرلمانية الإيرانية حُسم أمرها من البداية و قد تنحسر فيها الاختلافات على بعض المقاعد ببعض الدوائر، و لكن الخط العام متفق عليه بين قطبي الجمهورية، الحرس الثوري بقيادة خامئني ومعه قيادات الحرس الثوري، و هو الفريق المصنف تحت مسمى الفريق المتشدد، وجبهة الرئيس حسن روحاني المصنفة تحت مسمى جبهة الإصلاحيين أو المعتدلين، و ساذجٌ من يتوهم أن هناك أمل مع صعود الإصلاحيين أو المعتدلين، فعندما تذمر حسن روحاني في وقت ما، وتعمد أن يوسع صلاحياته على كافة مؤسسات الجمهورية الإسلامية، جاء له الرد القاطع من خامئني نفسه، و نتذكر واقعة طلب حسن روحاني من الحرس الثوري أن يخفف لهجته الحادة ضد إسرائيل قبل أن يلمح أنه الرجل الأول في إيران، فجاء الرد من الحرس الثوري مباشرة بتنفيذ تجربة إطلاق صواريخ باليستيه مكتوب عليها “إسرائيل يجب أن تمحى” قبل أن يتسلم باقي الرسالة من خامئني بأن آخر نفوذك في البرلمان فقط، وليس غير ذلك، فكافة القرارات التي تخص السياسة الخارجية وتحرك إيران سواء السياسي أو العسكري بإقليم الشرق الأوسط محسوم من رجال خامئني دون غيرهم.
ذلك المشهد الذي طرحته بخصوص وضع وحجم من يفترض أنه رئيس الدولة و الرجل الأول في البلاد حسن روحاني مقارنة بوضع المرشد خامئني لا أتعجبه في ظل فلسفة دولة الملالي التي يريد الإخوان المسلمون ببلادنا العربية تطبيق نفس منهجها بعد ما شهدته المنطقة من ثورات ملونة.
فالجمهورية الإسلامية الآن أمام لحظة تاريخية بكل ما تحمل الكلمة من معنى بعد إتمام الاتفاق النووي ببداية عامنا الحالي، و هي تعمل على استغلال ما قدمه الرئيس الأمريكي باراك أوباما و ما سيقدم لها حتى بعد انتهاء فترة أوباما، بعد أن تبنت الاستراتيجية الأمريكية نفسها وليس شخص أو دائرة نفوذ محددة، و هي الاستراتيجية التي تفرض رؤيتها على أي شخص يأتي على كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية و تجبره على تنفيذ تلك الاستراتيجية سواء كان من الجمهوريين أو الديمقراطيين إطلاق يد إيران في الشرق الأوسط و تسليمها راية شرطي الإقليم كي تكون ضلع المثلث الثالث لواشنطن بالشرق الأوسط بعد إسرائيل وتركيا، فلولا الضوء الأخضر من واشنطن لما تقدمت إيران نحو العديد من الملفات بالمنطقة و في مقدمتها اليمن، كما هو الحال في عام 2003م بعد أن تم تسليم العراق على طبق من ذهب لطهران، وهو الأمر الذي جعل طهران تتخطى في مراحل كثيرة من الحروب الإقليمية حالياً الخطوط الحمراء، بالمقابل عرقلة واشنطن لمحاولات العديد من الدول العربية لبحث الحلول السياسية بالمنطقة و في مقدمتها مصر والسعودية و الإمارات والكويت والبحرين، في الوقت الذي مازالت فيه واشنطن تتبنى منهجاً لإغراق مصر في مربع الفوضى، و محاولة فرض الوصايا على الدول الخليجية عامة والسعودية خاصة.
وأعتقد أن أمامنا مزيد من الوقت لكي نتحد جميعاً أمام كل ما يُحاك ضدنا سواء من الغرب أو الشرق، وأن نفرض نحن كلمتنا على من ظنوا أننا نستلهم أمننا وحمايتنا وبقائنا منهم، فأمننا القومي العربي بين أيدي أبنائنا الذين قالوها للعالم كله في رعد الشمال و سيكررونها بالقوة العربية المشتركة.
*محلل سياسي متخصص بشؤون الشرق الأوسط