أبرز المواديكتبون

الكليات المتخصصة بالمحافظات خيار إستراتيجي..

المناطق _اللواء م/ عبدالله غانم القحطاني*

طبيعي أن يواجه سوق العمل السعودي تحديات دائمة على مستوى توفر الطاقات البشرية الوطنية المؤهلة، فالسوق ضخم والنهضة كبيرة، والبلاد تحقق نجاحات هائلة في ضوء رؤية 2030 وسيكون لها ما بعدها.

مجالات سوق العمل السعودي والتخصصات المهنية والعلمية والتقنية الدقيقة ستكون بحاجة لمزيد من الكفاءات الوطنية الشابة المؤهلة لتلبية الإحتياجات المختلفة في ضوء اتساع قاعدة التنمية ومشاريعها بشكل سريع في جميع مناطق المملكة، وهناك الإحتياج الدائم للتخصصات الطبية بشتى مسمياتها وأقسامها، والتخصصات التقنية شديدة الندرة التي تحتاجها الصناعات المحلية المدنية والعسكرية.

وهناك فُرص متاحة علينا استثمارها من خلال الموارد البشرية بالمحافظات البعيدة عن المركز “العاصمة” وعن المدن الكبرى، فالمحافظات هي الخزان البشري للقوى العاملة المختلفة، ولها دور إستراتيجي لتغذية أسواق العمل بالقوى المتخصصة ويجب استثمار ذلك في نفس المحافظات من خلال إقامة كليات علمية متخصصة وشاملة، بعدد محدود من الطلاب لكل تخصص وليس بمجموع ألف طالب كما تشترط وكالة التعليم الجامعي الأهلي!. وبعد تأهيلهم علمياً وفنياً يتم توزيعهم على وظائف سوق العمل والتخصصات الوظيفية بمناطق المملكة.

هذه المحافظات بها نسبٌ عالية من الشباب الذكي والمتفوق علمياً ومن الصعب أن تقبلهم الجامعات بحسب رغباتهم العلمية التي يتفوقون بها، لأن الجامعة تضع معايير واشتراطات بحسب طاقتها الممكنة، لكننا في المقابل نخسر الكفاءات الناشئة التي تذهب مضطرة لتخصصات مختلفة نظرية خريجيها السابقين غير ملائمين للاحتياج المهني القائم.

والدولة مشكورة فتحت عشرات الجامعات والكليات وتؤسس للمزيد، ومع ذلك لا يمكن لهذه الجامعات استيعاب جميع خريجي الثانويات المتفوقين بما يتناسب وقدراتهم ويلبي إشغال التخصصات المطلوبة بسوق العمل ومشاريع رؤية 2030.

ويبدو أن القطاع الخاص لا يشارك إلاّ بالقليل في هذا الجانب، وغير مهتم كما يبدو بالإستثمار خارج المدن الكبرى، وفي بعض المحافظات يوجد مستويات علمية متفوقة بين طلابها بالمرحلة الثانوية، وتكاليف الحياة والدراسة بها أقل بكثير مقارنة بالمدن الكبرى، والطالب هناك سيحقق نتائج علمية عالية لعدة أسباب عائلية وعُمرية ومعيشية.

وأرى ضرورة وأهمية فتح كليات تخصصية بتلك المحافظات يحددها الإحتياج العام لسوق العمل والمشاريع المختلفة وخاصة الصناعية والتقنية والمهنية.
ولاشك أن الإستثمار بالكليات المتخصصة بالمحافظات سيخفف الضغط على المدن وجامعاتها، لكن من يطلع على شروط وكالة التعليم الجامعي الأهلي https://departments.moe.gov.sa/PHE/Pages/default.aspx
،يرى أن الوكالة تضع شروطا تعجيزية، ومن الخطأ وضع إشتراطات ومواصفات فنية ومعايير ومتطلبات لأي منشأة بالمحافظات البعيدة وكأنها مدينة عالمية بحجم ومستوى العاصمة.

هناك ضرورة برأيي لإنشاء عشرات الكليات “إستثنائياً” كمشاريع مؤقتة بالمحافظات خارج إطار وزارة التعليم ومن خلال شركاء مستثمرين محليين ودوليين، وتتحمل الدولة تكاليف دراسة الطالب وكأنه مبتعث، وسنحصل على نتائج مبهرة إذا أشرف عل التخطيط والتنفيذ هيئة إستثمارية مستقلة وذات صلاحيات واسعة مرتبطة بإحتياجات ومواصفات ومعايير رؤية 2030.

وزارة التعليم مهمتها الوطنية التعليمية والآكاديمية وطبيعة أنظمتها وتخصصاتها لن تقدم لسوق العمل وتخصصات المشاريع التنموية حلاً، بل قد تساهم بالمزيد من البطالة من خلال الخريجين.

يجب أن نؤهل الكوادر السعودية الفنية والتقنية والطبية والهندسية والمهنية للسوق المحلي والخليجي على حد سواء كهدف إستراتيجي انطلاقاً من جميع المحافظات.

*كاتب ومحلل استراتيجي

زر الذهاب إلى الأعلى