المناطق_متابعات
تسببت الفيضانات التي اجتاحت مدينة درنة الليبية قبل عام في مقتل أبناء الليبي حسن قصّار الأربعة وتركه بلا مأوى في مدينة مدمرة تتأخر فيها عملية إعادة الإعمار بسبب خلافات سياسية تقسم البلاد ككل.
وكان قصّار (69 عاماً) في مصر يشتري مستلزمات لزفاف ابنته عندما غمرت الأمطار الغزيرة سدين قديمين لا يحظيان بالصيانة اللازمة، مما أرسل جداراً من المياه عبر المدينة وجرف مساحة كبيرة منها في البحر.
وقال قصّار وهو يروي اللحظة التي عاد فيها إلى المدينة ليجد منزله قد دُمر والخيام منصوبة في كل مكان، والجيران يبلغونه أن أبناءه في عداد المفقودين “كان يوماً أسود. يوماً مأساوياً”.
واجتاحت الفيضانات مدينة درنة في منتصف الليل، وذكر الناجون أنهم سمعواً صوتاً يشبه صوت قنبلة واندفاعاً مفاجئاً للمياه التي ارتفعت لعدة طوابق ودمرت المباني على طول الممر المائي الذي يمر عبر وسط المدينة.
وتمكن بعض الأشخاص من الفرار عبر أسطح المنازل أو بالخوض في المياه داخل غرف نومهم التي ارتفع فيها منسوب المياه قرب السقف، لكن ما لا يقل عن خمسة آلاف شخص لاقوا حتفهم ولا يزال الآلاف في عداد المفقودين.
وظلت جثث وسيارات وقطع أثاث وألعاب وملابس تطفو بامتداد الشاطئ لأيام بعد ذلك، وكان جزء كبير من المدينة غارقاً في وحل جرفته المياه من التلال أعلاها.
ولا تزال أكوام كبيرة من الطين والأنقاض تملأ أجزاء من المدينة.
وقال قصّار “اكتشفنا أن نصف المنزل مدمر ومغطى بالغبار، أحضرنا عمالاً وبدأنا في تنظيف المكان، لكننا لم نجد شيئاً متبقياً، فقط وجدنا مبلغاً بسيطاً من المال، أما الباقي فقد جرفته مياه الفيضانات”.
وكان يبكي وهو يتصفح الصور على هاتفه المحمول وينظر إلى صور أبنائه.
ولم تحظ ليبيا بحكومة مستقرة منذ انتفاضة عام 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي وأنهت حكم معمر القذافي الذي استمر أربعة عقود. وانقسمت البلاد في عام 2014 بين فصائل متحاربة في الشرق وأخرى في الغرب.
وساهمت الانقسامات السياسية والفساد المستشري والتنافسات الإقليمية في تدهور العديد من مهام الدولة، بما في ذلك في كثير من الأحيان الصيانة السليمة للبنية الأساسية الوطنية.
وفشلت جهود الأمم المتحدة لجمع السلطات المتنافسة في شرق وغرب البلاد من أجل تنسيق الجهود لإعادة إعمار درنة في التغلب على سنوات من انعدام الثقة.
لكن منزل قصّار أُعيد بناؤه في نهاية المطاف بعد أن بدأت السلطات في شرق ليبيا أعمال إعادة إعمار كبرى. وقال وهو يجلس في الميناء ويدخن سيجارة بالقرب من مبان خرسانية بيضاء اللون “الحمد لله مستقر الآن”.