دولي

وثائق بنما تكشف سيطرة عائلة عباس على الاقتصاد الفلسطيني

في تحقيق معمّق لوثائق بنما التي سربت من مكاتب محاماة موساك-فونسكا، ينكشف نادي “السلطة والمال” الفلسطيني والشخصيات الفاعلة فيه.

ومن بين الشخصيات البارزة كان ابن الرئيس الفلسطيني، محمود عبّاس، الذي يملك أسهماً بقيمة مليون دولار في شركة ذات علاقة وطيدة بالسلطة الفلسطينية.

هذه الشركة التي تدعى “Arab Palestinian investment company” وتعرف اختصاراً باسم (أبيك)، بحسب تحقيق لصحيفة “هآرتس” العبرية، تعتبر صرحاً اقتصادياً ضخماً تطور كثيراً في العقدين الأخيرين. إذ أصبح متغلغلاً في كل قطاعات الاقتصاد الفلسطيني؛ بدءاً من الطعام والمعدات الطبية، ومروراً بشركات العلاقات العامة والسيارات، ونهاية بالمراكز والمجمعات التجارية، ويترأسها رجل الأعمال طارق العقاد.

وتذكر الصحيفة أن العلاقة الوطيدة بين الشركة الكبرى والسلطة الفلسطينية بدأت منذ عام 1994؛ أي بعد اتفاقية أوسلو. فقد بدأت تتدخل السلطة في عمل الشركة، وامتلكت عن طريق صندوق الاستثمار الفلسطيني 18% من أسهم الشركة، في حين يمتلك طارق العقاد 27% من الأسهم.

لكن تحكم السلطة الفلسطينية بعمل الشركة ازداد بعد فوز حركة حماس بانتخابات السلطة الفلسطينية عام 2006، إذ أصدر محمود عبّاس أمراً رئاسياً يمنحه سلطة شبه كاملة على مجلس إدارة الصندوق، وبذلك أصبح صندوق الاستثمار بشكل مباشر تحت مسؤولية لجنة الرئيس الفلسطيني، وهو ما تقدر قيمته بأكثر من مليار دولار.

وفي إشارة إلى أن التعيينات تتم وفقاً لعلاقات شخصية أكثر من كونها مصالح اقتصادية، تقول الصحيفة إنه مع وفاة الرئيس الفلسطيني السابق، ياسر عرفات، بُدل جميع المسؤولين وأصحاب القرار في الشركة وفقاً لمصالح قادة السلطة الجدد، وحوكم جزء من المديرين السابقين بتهم تتعلق بالفساد المالي.

وفي عام 2011 بدأت تتضح طبيعة العلاقات الشخصية التي تتحكم بعمل أكبر شركة اقتصادية في فلسطين، وكيف تلتقي السلطة والمال لتترك دفة القيادة الاقتصادية في يد الساسة. إذ عيّن في هذا العام طارق عباس، ابن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كعضو مجلس إدارة في “أبيك”، وفي حين أن عضوية عباس في مجلس الإدارة ليست سرية، إلا أن وثائق بنما كشفت عن امتلاكه حتى سبتمبر/أيلول عام 2015 لأسهم تفوق قيمتها الـ982 ألف دولار.

كما كشفت الوثائق علاقة وطيدة لعباس الابن وثروته المتراكمة عن طريق شركة العلاقات العامة “سكاي”، التي تسيطر على أقسام واسعة من قطاع الدعاية والإعلان الفلسطيني، وأديرت لوقت من الزمن على يد طارق عباس. وهنا يذكر أن عدة تحقيقات لصحف أجنبية تناولت موضوع ثروة أبناء محمود عباس وعلاقتها بتقلد والدهم للسلطة الفلسطينية.

وفي هذا السياق كشف تحقيق لوكالة رويترز عام 2009 عن “الأخوين عباس (ياسر وطارق)” بأن شركاتهما فازت بمناقصات بلغت قيمتها مليوني دولار أمام مؤسسات الدعم الأمريكية (USAID) الفاعلة في فلسطين، ومن بين هذه المناقصات كانت واحدة لشركة “سكاي” التي عملت على إدارة حملة علاقات عامة لتحسين صورة الولايات المتحدة في الضفة الغربية.

كما نشرت صحيفة “فورين بوليسي” عام 2012 تقريراً يرصد ثروة الأخوين عباس، ويتساءل عن مدى وجود علاقة بين نجاحهم في مجال الأعمال وبين منصب والدهم. وبحسب التقرير يتقلد طارق عباس منصباً في شركات أخرى فاعلة في الضفة؛ فهو نائب رئيس “شركة المجمعات العربية الفلسطينية” التي أنشأت مجمعات تجارية في الضفة، كما أنه مدير في شركة “يونيبال” للتوزيع المعروفة في الضفة الغربية.

وفي هذا السياق تلفت الصحيفة إلى أن شركة المحاماة البنمية لم تعتبر طارق عباس شخصية عامة ولم تتحقق من هويته كما يجب؛ ممّا جعلها تغفل عن متابعة تدفق أمواله في الملاذات الآمنة، ومعرفة إن كان استخدام الأموال يتم بشكل قانوني أم لا.

ومن الشروط القانونية التي على مكتب المحاماة اتباعها التحقق من عدم ارتكاب العميل المصنف كشخصية عامة مخالفات جنائية أو مالية، أو استخدام أمواله في الفساد السياسي

زر الذهاب إلى الأعلى