يكتبون

أهمية الدراسات الاستشرافية

 

أسماء فهيد العتيبي*

إنَّ الاهتمام بالدراسات المستقبلية، واستشراف آفاق المستقبل، وفهم تحدياته من أهم المقومات الرئيسة لصناعة القرارات الناجحة، سواءً على المستوى الشخصيّ، أو على المستوى الاجتماعيّ أو الحضاريّ، فالنجاح غالباً ما يرتبط بمن لديه رؤية واضحة لمعالم المستقبل، وهذه الرؤية قائمة على قواعد علميّة، تبدأ بدراسة الماضي (التاريخ)، وربطه بالحاضر مرورًا إلى المستقبل الذي يكون هدفًا للإنسان لكي يكون في حالٍ أفضل مما كان عليه في ماضيه، وما هو عليه في حاضره.

وقد أجمع الباحثون على أن الدراسات الاستشرافية قد أصبحت من الضرورات التي لا غنى عنها للدول والمجتمعات والمؤسسات، بل وللأفراد، ولم تعُد ترفاً فكرياً، بل أصبحت ضرورةً يجب أن نأخذ بها، وحينما ننظر في واقع الدول من هذا الجانب نجد أنَّ جميع الدول المتقدمة تعتمد اعتمادًا كليّاً على تلك الدراسات ونتائجها في كل خطوة تخطوها.

ومن هذا المنطلق تبرز أهمية الدراسات المستقبلية؛ لأنها تعطي للدول والمجتمعات والشعوب قدرة على التطور والنهوض والتقدم، من خلال الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة لها، وتزيد أهمية الدراسات الاستشرافية في هذا العالم المعاصر الذي يموج بالتغيرات المتلاحقة في شتى ميادين العلم والاقتصاد والسياسة والاجتماع.

وحينما ننظر إلى الإسلام نجد أنه قد سبق كل الأنظمة والنظريات الحديثة التي تهتم بعلم المستقبل وتحثُّ عليه، لذا نجد أنّ القرآن الكريم يزخر بكثير من قصص السابقين منذ بداية خلق آدم – عليه السلام – إلى بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه القصص هي أصدقُ القصص وأحسنها، والهدف الأساسي من ذكر هذه القصص هو أخذ العظة والعبرة، وتجنُّب الأخطاء التي وقعت فيها الأمم السابقة، وهذا هو أساس الدراسات الاستشرافية، حيث أنها تبدأ من دراسة الماضي بكل ما فيه من أحداث وسنن، مرورًا بالحاضر المعاش.

كما تظهر عناية الإسلام بالمستقبل والحثّ على الاهتمام به من خلال امتداد السنن الإلهية في المستقبل، فالمتتبع لسنن الكون ومجرياته يجدها تسير في نسق منتظم يشكّل تصوُّرًا عن طبيعة هذه الحياة، وما يراد منها، وما ينبغي أن تكون عليه، وهذه السنن شاهدة على أهمية استشراف المستقبل من خلال استيعاب الماضي.

* باحثة في الدراسات الإسلامية المعاصرة.

زر الذهاب إلى الأعلى