الاقتصاد

المهنا: دول المجلس لديها 40% من إجمالي الاحتياطي العالمي للبترول

أكد مستشار وزير البترول والثروة المعدنية الدكتور إبراهيم المهنا أن هناك ترابط بين السلع والعملات العالمية المهمة فأسعار البترول تؤثر في الاتجاه السعري للعديد من السلع والمعادن وتتأثر به مرة أخرى يحل نوع من الكرّ والفرّ من الصعب معرفة البداية أو النهاية، ثم يلي ذلك التطورات والأحداث السياسية والاقتصادية المختلفة فمن المسلّم به أن الأحداث السياسية بما فيها العسكرية والاقتصادية لها تأثير كبير على أوضاع جميع الأسواق بما فيها السوق البترولية بشكل حقيقي، إلا أن هناك أحداث أخرى تؤثر على اتجاه السوق بشكل كبير بحيث تنخفض أو ترتفع الأسعار مابين20-30 في المئة وفي حالة تصاعدية أو تنازلية قد تستمر لعدة أشهر وخلال الأربعين عاماً الماضية حدث إثني عشر تقلباً رئيساً في أسعار البترول تقريباً نصفها يعود إلى أسـباب سياسية وعسكرية.

وقال: عند هذه النقطة، أود الحديث بشكل مختصر عن وسائل الإعلام المهتمة بالشأن البترولي، في البداية وكالات الأنباء العالمية وتعتبر وكالات الأنباء العالمية الأكثر أهمية في الشأن البترولي حالياً، من حيث التأثير على السوق ومن حيث الانتشـار عالمياً، ثم تأتي الإعلام البترولي المتخصص، وبعد ذلك القنوات التلفزيونية المتخصصة في الشأن الاقتصادي، يأتي بعدها الصحف والمجلات الاقتصادية وهي جميعاً تهتم بقضايا البترول والطاقة، وإن كانت بدرجات متفاوتة، وأخيراً الشركات الاستشارية البترولية، التي تجمع بين التحليل والدراسة، والاستشارة ونقل الخبر، وحتى الإشاعة.

وأفاد بأنه خلال القرن العشرين توسع استخدام البترول سنة بعد أخرى وكذلك الاهتمام الإعلامي به إلا أن هذا الاهتمام يكبر مع الأزمات مثل الحربين العالميتين الأولى والثانية، والأزمات في مناطق الإنتاج التي من أهمها الثورة الإيرانية عام 1953 وتأميم البترول من قبل حكومة محمد مصدق، وتأميم قناة السويس من قبل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، والعدوان الثلاثي على مصر عام 1967 وتوقف خط التابلاين للبترول من الخليج إلى لبنان وإقفال قناة السويس إلا أن أكبر تطور سياسي بترولي إعلامي منذ الحرب العالمية الثانية حدث في عام 1973، مع الحرب العربية الإسرائيلية وقيام بعض الدول العربية المنتجة للبترول بمقاطعة الدول المساندة لإسرائيل بشكل مباشر وارتفاع أسعار البترول من ثلاثة دولارات إلى أربعة عشر دولاراً مما رفع أهمية البترول من قبل المواطنين في الدول الغربية المستهلكة، وفي الدول المنتجة.

وفي جانب الإعلام البترولي بدأت تظهر الصحافة البترولية المتخصصة ذات الطابع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية ولعل من أهمها نشرة بتروليوم انتلجنس ويكلي ونشرة ميدل إيست اكونميك سيرفي.

وأضاف المهنا في ورقة التي ألقاها صباح أمس في ملتقى الإعلام البترولي الثاني لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بفندق الأنتركونتننتال بعنوان “البترول و الإعلام والخليج :نظرة عامة” إلا أن التحول الكبير الثاني في الإعلام البترولي، والعلاقة بين الجانبين حدث في أوائل الثمانينات، فبالإضافة إلى الأحداث السياسية العسكرية التي أثرت على تصدير البترول مثل الثورة الإيرانية، والحرب العراقية الإيرانية، وتذبذب أسعار البترول بشكل حاد من 40 دولاراً في عام 1980 إلى عشرة دولارات في عام 1985، إلا أن الأهم من هذا ظهور السوق المستقبلية للبترول الخام ومشتقاته في نيويورك، وهذا يعني تحول جزء كبير من المبيعات والمشتريات البترولية (حوالي 70 في المئة حالياً) من بيع وشراء براميل بترول حقيقية إلى عقود آجلة على الورق مع دخول عدد كبير من اللاعبين غير التقليديين في أسواق البترول وهذا يشمل البنوك والمستثمرين والمضاربين من شركات وأفراد وشركات غير بترولية مثل شركات الطيران بهدف أخذ الحيطة.

والسوق المستقبلية تعنى البيع والشراء آجلاً عن طريق الشاشة أو الوسطاء داخل سوق المبادلات في نيويورك ويتم هذا في الدقيقة والثانية ومن هنا تزايدت أهمية الإعلام بوسائله المختلفة وسرعة توصيله للخبر واختلطت وسائل الإعلام البترولي بعضها البعض وبحيث أصبحت بعض النشرات البترولية ومراكز الأبحاث تتصرف وكأنها وكالات أنباء تنقل الخبر والمعلومة بسرعة وقد أسهم في هذا التغيرات إضافة إلى تطورات السوق تطور وسائل الاتصالات ابتداء من ظهور الفاكس إلى شبكة الانترنت والهاتف الذكي كما قامت وكالات الأنباء العالمية بإنشاء أقسام خاصة بالبترول والطاقة، وصحفيين ومراسلين متفرغين لهذا الجانب، وأصبح الهدف الرئيس لدى البعض هو سرعة الخبر وليس بالضرورة دقته كما زاد الاهتمام من قبل العاملين في السوق بالشائعات ونظريات المؤامرة ومدعي معرفة خبايا سياسة هذه البلد البترولية أو تلك.

وأوضح أنه مما زاد الأمر تعقيداً، وأعطى الإعلام خلال هذا العقد، والعقد الماضي،أهمية أكثر، ثلاثة تطورات،مهمة الترابط العالمي الكبير بين المراكز التجارية والمالية، فالسوق المالية العالمية تبدأ يومها من طوكيو (بالنسبة للبترول من سنغافورة)، التي تضع الاتجاهات الأولية العالمية، بناءً على إغلاق سوق نيويورك في اليوم السابق وأي مستجدات مهمة بين فترة إغلاق تلك وافتتاح هذه ويستمر نفس الاتجاه غالباً في أسواق آسيا.

وعندما تفتح سوق لندن يبدأ زخم مختلف إما حسب الاتجاه الذي بدأ في آسيا أو إيجاد اتجاهاً جديداً بناءً على المعلومات والأخبار والتحليلات التي استجدت خلال الساعات السابقة وبعد لندن بأربع ساعات تأتي سوق نيويورك لتوجد اتجاهاً جديداً في الأسعار يتم خلالها تبادل بلايين الدولارات، يشارك فيها عدد ضخم من الأفراد والشركات وخلال هذه الدورة المستمرة، تقوم وسائل الإعلام بكافة أنواعها، الجيد منها والرديء، بدور رئيس في تعزيز حركة الأسواق أو حتى تغيير اتجاهاتها.

وأضاف أن الإعلام فيما يخص الشأن البترولي، كما هو في أغلب الشؤون الأخرى، يركز على الإثارة، وجلب انتباه القارئ والمستمع والعاملون في السوق البترولية، وبالذات المستقبلية، ويبحثون عن الحقيقة والتوقعات، كما أنهم يبحثون عن الإشاعات والأفكار والإثارة التي قد ترفع السعر أو تخفضه، ولعل الأسوأ من ذلك، أن بعض المسئولين، والخبراء، والصحفيين، والمحللين، والكتاب، يستخدمون الإثارة، والمبالغة، والحديث عن نظريات المؤامرة، لجلب الاهتمام، ومن أجل أن تتناقل وسائل الإعلام أقوالهم.

ومما زاد الأمر تعقيداً دخول وسائل التواصل الاجتماعي في الصورة، وأغلب وسائلها مبنية إما على الآراء الشخصية، أو الشائعات، والأمنيات، أو أنها نقلاً مبكراً لخبر لم ينشر، ولم يتم التحقق منه بطرق رسمية من حيث نوعيته وأسبابه وتطوراته، وكما هو معروف، فإن دول المجلس لديها 40 في المئة من إجمالي الاحتياطي العالمي، و20 في المئة من الإنتاج العالمي، وتتحكم في حوالي 35 في المئة من إجمالي التجارة العالمية في البترول.

إضافة إلى ذلك فإن للمنطقة أهمية سياسية واقتصادية وعسكرية كبيرة، لا يوجد مجالاً للحديث عنها هنا، كما أن أهميتها الإعلامية العالمية، تعتبر كبيرة، فلا توجد وكالة للأنباء، أو قناة تلفزيونية، أو نشرة بترولية عالمية، إلا ولديها مكاتب في هذه المنطقة.

وبالرغم من هذا كله، فإن الإعلام في المنطقة يعتبر متلقياً للخبر، وليست صانعاً له، ولا يوجد أي نشاط إعلامي محلي له صفة دولية، وبأي لغة كانت، كما لا يوجد مراكز أبحاث ومعلومات بترولية لها قيمتها الدولية، ولابد من الإشارة إلى أن المنطقة أصبحت ذات أهمية من حيث المؤتمرات والندوات البترولية، إلا أنها لازالت حاضنة لها، وليست صانعة لها، ولا شك أن هذا بداية جيده.

وهنا نأتي إلى السؤال الرئيس هل بالإمكان إنشاء إعلام بترولي خليجي له دور وأهمية دولية مع الأخذ في الاعتبار أن مراكز الأبحاث والمتخصصين والخبراء هم جزء مهم من العملية الإعلامية.

الجواب نعم بالإمكان ذلك ولكن بتحقيق أربعة شروط وضوح الهدف من إنشاء هذا الإعلام كذلك تدريب كوادر بشرية إعلامية خليجية جيدة، ذات ثقافة ومعرفة في قضايا البترول والطاقة، واستقلالية وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الصحفية، من البيروقراطية الحكومية، ومن أي ارتباط مباشر بالتطورات والاختلافات السياسية داخل المنطقة، وأخيراً تعاون المسئولين الحكوميين والشركات البترولية مع وسائل الإعلام الخليجية.

زر الذهاب إلى الأعلى