أبرز المواديكتبون

النقل السككي

علي السرحاني

من العربة الثالثة لدرجة الأعمال في قطار الحرمين – جدة المدينة – كتبت هذه الأسطر متكئا بذراعي الأيسر على المرفق، وراحة يدي على خدي، أنظر إلى أماكن مكتظة بالسكان تارة، وأخرى خالية، وقطار الحرمين السريع يسير بسرعة تشغيلية تصل إلى 300 كلم/ساعة، وتكلفة إجمالية 63 مليار ريال سعودي، ويعد أول وأسرع قطار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

مشروع سعودي نوعي، عبارة عن خط سكة حديدية كهربائي يربط بين منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة خلال 120 دقيقة فقط مرورا بمحافظة جدة، ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية بطول 450 كلم، وبطاقة استيعابية تبلغ 60 مليون مسافر سنويا، سعة كل قطار 417 مقعدا، ليصبح إجمالي المقاعد 834 مقعدا في الرحلة الواحدة، بما يتجاوز سعة 20 حافلة كبيرة، بمعنى أنه من خلال كل رحلة بالقطار تتم إزاحة 20 حافلة من الطرق السريعة، مما يرفع سلامة الحجاج والمعتمرين والزوار الذين تم نقلهم في مواسم الحج وعددهم 50 ألف حاج من مختلف دول العالم.

والتنقل السككي يعد من أكفأ وسائل النقل استخداما للطاقة، ففي حال نقل راكب واحد لمسافة كيلومتر واحد، تحتاج السيارة من ضعف إلى خمسة أضعاف الطاقة التي يستهلكها القطار، بينما يرتفع هذا المعدل إلى ما بين أربعة وثمانية أضعاف في حال الطائرة.

ويمتاز النقل عبر القطارات بأنه صديق للبيئة لا تنبعث منه كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون.

وفي ضوء سياسات تعديل أسعار الطاقة الحالية وارتفاع تكاليف النقل الخاصة في المملكة، تعد القطارات خيارا لتنقل الشرائح السكانية متوسطة الدخل والفقيرة والأقل دخلا، لانخفاض تكاليفها. ولهذا يدعم عدد من الدول السكك الحديدية لتوفير فرص التنقل للشرائح السكانية الأقل حظا.كالصين، والهند.

إن جغرافية في حجم مساحة المملكة التي تعادل ثلاثة أرباع أوروبا، و4 أضاعف فرنسا، تحتاج عددا من السكك الحديدية الحديثة، وليت أن الفكرة قد قامت منذ زمن، لقد حققت المملكة قفزات كبيرة في قطاعات النقل البرية والبحرية والجوية، ولكننا ما زلنا نمشي الهوينى في شبكات السكك الحديدية، حيث نقبع في مراكز متأخرة بين دول العالم في السكك الحديدية، فما زالت مراكز النمو السكانية الكبيرة والجذب في المنطقة الغربية والجنوبية غير مرتبطة حديديا بباقي المملكة والعالم.

ترى لماذا غاب قطار الجنوب، إذ في عام 2004 أطلقت الشركة السعودية للسكة الحديدية مشروع قطار الشمال – الجنوب، ومنذ ذلك الحين وهذا المشروع ذهب إلى كل مكان إلا باتجاه الجنوب، توغل مسار هذا القطار نحو الشمال حتى وصل إلى الحديثة على حدود الأردن، ولكنه لم يخط خطوة واحدة نحو الجنوب!

في عام 2015 كتب وزير النقل في صحيفة الجزيرة «وبالنسبة لقطار الجنوب فأود الإيضاح بأن الوزارة لم تغفل هذا الجانب المهم، فهناك دراسة أجرتها الوزارة لإنشاء قطارات في عدد من المناطق بالمملكة، منها المنطقة الجنوبية». ونحن الآن على وشك الترحيب بعام 2020 ولم ينفذ أي شيء مما وعد به وزير النقل، وما زال السؤال مستمرا: أين قطار الجنوب؟ الجنوب الذي يعادل مساحة أربع دول خليجية مجتمعة الكويت والإمارات والبحرين وعمان.

نقلاً عن “صحيفة مكه”.

زر الذهاب إلى الأعلى