دولي

بتريوس يعلن عن قلقه من تزايد النشاط الإيراني في العراق

عبر الجنرال الأمريكي ديفيد بتريوس عن قلقه من تزايد النشاط الإيراني في العراق، خاصة من تكثف هذا النشاط بقيادة قاسم سليماني قائد فرقة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني الذي يؤمن المشورة والسلاح والذخيرة للميليشيات الشيعية.

وقال بتريوس، في مقابلة أجرتها صحيفة لوفيغارو الفرنسية، إن إيران استفادت من الفراغ المؤقت خلال صيف 2014 لتتمدد وتفرض نفوذها، والآن بات على رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن يواجه مهمة إرجاع هذا المارد إلى القمقم، حسب تعبيره.

وبتريوس هو القائد السابق لقوات حلف شمال الأطلسي، وقاد عمليات التحالف الدولي في أفغانستان في 2010، وشغل منصب مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) حتى سنة 2012، وكان قبل ذلك مهندس استراتيجية القضاء على الحركات المناهضة للاحتلال الأمريكي في العراق، بين عامي 2007 و2008، عندما كان قائدا للقيادة المركزية الأمريكية.

ورفض الجنرال بتريوس الإجابة على سؤال حول وجود تنسيق بين العمليات الجوية لقوات التحالف الدولي والميليشيات الشيعية التي تحاصر تكريت بقيادة قاسم سليماني، وفضل ترك الأمر للضباط والقادة الذين يديرون العمليات، ولكنه لم يخف تحفظه في الآن ذاته على فكرة القيام بهذا التنسيق.

وقال الجنرال الأمريكي للصحيفة الفرنسية – بحسب موقع “عربي21″ – إن التطورات التي يشهدها العراق منذ 2011؛ تمثل مأساة حقيقية، فبعد انسحاب القوات الأمريكية قام رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بهدم كل العمل الذي تم إنجازه لإعادة إدماج السنة في نسيج المجتمع العراقي، رغم أن المالكي عبر عن مساندته اللامشروطة للمساعي الرامية لعقد مصالحة مع السنة وقوات الصحوة المكونة من عشائر الأنبار المخترقة من قبل تنظيم القاعدة، ودعمه لكل المبادرات التي حاولت طمأنة السنة بأن لهم مكانا في العراق الجديد.

واتهم بتريوس نوري المالكي بتخريب الوضع وتسريح قيادات عسكرية تتمتع بالكفاءة وغير متعصبة، واستبدالها بقيادات فاسدة ومتورطة في عمليات النهب، كما اتهمه بالتدخل في سلسلة القيادة في الجيش، ما أدى لإضعافه في الوقت الذي كان فيه الشعب في أمسّ الحاجة إليه، وهو ما أدى في النهاية إلى تعرض الجيش لهزيمة سريعة أمام هجمات تنظيم الدولة، ويمثل السقوط السهل لمدينة الموصل خير دليل على ذلك، كما يرى الجنرال الأمريكي.

وصرح بتريوس للصحيفة بأن السخط السني على تنظيم القاعدة خلال سنة 2007 مثّل عاملا حاسما لهزيمة ذلك التنظيم، وأن السيناريو ذاته بصدد التكرار الآن مع تنظيم الدولة، حيث أن الإعدامات الجماعية والمعاملة الوحشية التي تمارس من التنظيم ضد السكان أدت إلى تناقص عدد السنة الذين دعموه في البداية بغرض التخلص من القيادات العسكرية الشيعية الطائفية.

ورأى بترايوس بحسب الصحيفة أن تنظيم الدولة ليس التهديد الأخطر الذي يتعرض له العراق، فهو سينهزم عاجلا أم آجلا، وسيحافظ العراق على وحدته وسيادته، شرط أن ينجح العبادي والبرلمان العراقي في إعادة إدماج السنة وإعطائهم سببا مقنعا لدعم دولة العراق في مواجهة التنظيمات الإرهابية.

ورأى بتريوس أن السنة لا يملكون خيارات كثيرة، خاصة أن المناطق التي يعيشون فيها لا تنتج البترول، وتعاني من صعوبات اقتصادية، وهذا لا يترك لهم خيارا آخر غير التمسك بالدولة المركزية لأجل ضمان نصيبهم من العائدات النفطية.

وفي المقابل، شدّد الجنرال بتريوس على خطورة الميليشيات الشيعية التي تحارب في الصفوف الأولى ضد تنظيم الدولة. وقال إن هذه الميليشيات تعرضت للهزيمة سنة 2008 عندما واجهت القوات الدولية في البصرة ومدينة الصدر في بغداد، واختفت، لمدة ثم عادت للظهور في الشوارع مستفيدة من وجود تنظيم الدولة، ومستفيدة أيضا من الدعم الإيراني الكبير.

وعبّر الجنرال للصحيفة عن تخوفه من عدم اكتفاء هذه الميليشيات بدحر مقاتلي تنظيم الدولة من المناطق التي سيطر عليها التنظيم، بل الوصول لعملية تطهير طائفي وتهجير للسنة من أجل خلق واقع ديمغرافي جديد في عدة مناطق، مثل محافظة ديالا وشمال بغداد والأحياء المختلطة في العاصمة.

وفي رده على سؤال حول إمكانية تمسك الميليشيات الشيعية بالبقاء في مدن تكريت والموصل أو تكوين قوات مشتركة لحفظ الأمن، أكد الجنرال بتريوس أن لا أحد قادر على القيام بالعمل بمفرده، فحتى الأكراد الذين نجحوا في قطع خطوط إمداد تنظيم الدولة في شرق الموصل يعلمون جيدا أنهم لا يستطيعون بمفردهم المحافظة على المناطق التي دخلوها، وأن مقاومة سنية مسلحة ستندلع ضدهم حتما، رغم أن وجودهم في شرق الموصل لا يمثل مشكلة كبيرة، لأن هذه المنطقة ليست مأهولة كثيرا بالسكان، كما أن وجودهم في سنجار أيضا لا يمثل مشكلة لأنه يتم بالتنسيق مع قبائل شمر السنية.

وفي المقابل، فإن الأكراد ربما سيكونون مدعوين لإدارة المناطق ذات الأغلبية المسيحية، لأن المسيحيين الذين شهدوا تدمير أماكنهم المقدسة على يد تنظيم الدولة سيقبلون بهذا التدخل لأنهم يحتاجون للحماية.

أما في تكريت والموصل فإن السنة سيتوجب عليهم تكوين مجموعات لحفظ الأمن وإدارة شؤونهم بأنفسهم، ولا يمكن بأي حال من الأحوال قبول بقاء الميليشيات الشيعية في هذه المدن، لأن ذلك سيعزز مناخ التطرف وسيؤدي للمشكلات ذاتها التي أدت لصعود تنظيم الدولة في السابق، وفق تقدير بتريوس.

كما أكد الجنرال بتريوس خلال هذا الحوار مع الصحيفة الفرنسية أن الضباط العراقيين الذين أقصاهم نوري المالكي ستتم إعادتهم للخدمة في الجيش العراقي، وأن العبادي اتخذ خطوات جادة في هذا الاتجاه، من خلال الاعتماد على قيادات جديدة أكثر كفاءة، مثل تعيين الجنرال الكردي رشيد خورشيد في منصب رئيس أركان الجيش.

ولكن تبقى المشكلة الأبرز هي كثرة المجموعات المسلحة غير المنضوية تحت لواء مؤسسات الحكومة، التي تلعب دورا بارزا في العمليات الجارية حاليا، لذلك يجب تأطير هذه الميليشيات وتنظيمها، وفق ما يراه بتريوس.

زر الذهاب إلى الأعلى