يكتبونأبرز المواد

بروفايل

محمد ابراهيم السبيعي.. رحلة التجارة ومنهجية الاحسان!

بقلم/ عبدالله اليامي

‏حتى وإن انتقل رجل الأعمال السعودي الشهير محمد بن إبراهيم السبيعي آلى رحمة الله قبل بضع سنوات، ألا أن ذكراه وسيرته العطرة ومسيرته العملية الناجحة، مع شقيقه الراحل عبدالله السبيعي، وهما من رجال الأعمال المؤسسين للقطاع الخاص في المملكة العربية السعودية، تظل نبراساً لرجال ورواد الأعمال خاصة فيما يتعلق بمنظومة القيم الوطنية والعربية والاسلامية.. كون الجيل الثاني من أبناء السبيعي أطلقوا من خلال شركة عائلية اسمها (ماسك) بادرة محمد ابراهيم السبيعي لدعم رواد الأعمال (عصاميون) وهي جائزة سنوية تقدم لأفضل أربعة رواد أعمال في القطاعات التجارية والصناعية والصحية.. وتهدف لتعزيز مهارات المثابرة والعزيمة لدى رواد الأعمال المعاصرين.

ولد محمد بن إبراهيم السبيعي رحمه الله في عنيزة عام 1915 .. وتوفي في عام 2017م بعد مسيرة حافلة من العمل الخيري والإنساني، حيث رباه والداه مبكرًا على التعلم وحب العمل والاعتماد على النفس مع الاهتمام بتعليمه القران الكريم وتعاليم الدين.. مماجعله ينشأ محافظًا على تعاليم دينه وتقاليد مجتمعه فكانت أهم سبل النجاح في مشواره الطويل.. إذ مارس السبيعي كافة الأعمال البسيطة منذ طفولته، فعمل بائعاً وساقياً وطباخاً ودلالاً ومشرفاً على العمال بقصرالملك عبدالعزيز، إلى أن شق طريقه في عالم التجارة وانطلقت شهرته مع أخيه عبدالله في مجال الصرافة حتى أصبح عضوًا مؤسسًا في البنوك الاسلامية الشهيرة كالراجحي والجزيرة، وتوّج مشواره التجاري بتأسيسه مع مجموعة من الشركاء الصيارفة بنك البلاد في نهاية العام 2005 وبحضور ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عندما كان آنذاك أميرًا لمنطقة الرياض.

‏أما في الجانب الخيري والاجتماعي، فقد كان رحمه الله يحرص على مساعدة المحتاجين والفقراء ويباشر أعماله الخيرية بنفسه أحياناً.. مما دعاه مع شقيقه عبدالله لتأسيس مؤسسة محمد وعبدالله السبيعي الخيرية في عام 2004، والتي كانت تعنى بتقديم الدعم للجمعيات الاجتماعية والصحية والإغاثية.. ولم تتوقف مساهمات السبيعي على الأعمال الخيرية فحسب.. بل امتدت إلى الشؤون الأكاديمية والتعليمية، فساهم في إنشاء كرسي السبيعي لتأهيل طلاب المنح بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وأيضًا ساهم في تأسيس دبلومات متخصصة ومعتمدة أكاديميًا في مجال الإرشاد الأسري والعمل الخيري مع ثلاث جامعات سعودية، جامعة الملك فيصل بالأحساء، جامعة الملك خالد بعسير، وجامعة الملك سعود بالرياض.. كما أسهم في عقد الاتفاقيات مع جامعة الملك سعود، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وجامعة الخرج، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن لنشر ثقافة العمل التطوعي في المجتمع.

‏وأسهم السبيعي عبر مؤسسته الخيرية في إنشاء معاهد لإعداد معلمات القرآن الكريم في عدد من مناطق المملكة، واعتمد إطلاق وتمويل جائزة السبيعي للتفوق العلمي بعنيزة لطلاب المعاهد العلمية بمنطقة القصيم، وأسهم في إطلاق وتمويل جائزة محمد وعبدالله إبراهيم السبيعي لحفظ القرآن الكريم السنوية للبنات في عنيزة، ودعم إقامة العديد من الحملات التوعوية السلوكية في مدارس التعليم العام بعدد من محافظات المملكة.

‏أيضًا في المجال الصحي.. اشرفت مؤسسة السبيعي الخيرية على تمويل بناء مستشفى رعاية المسنين والتأهيل الطبي بعنيزة لعلاج كبار السن من الجنسين والمرضى ذوي الاحتياجات الخاصة والمصابين بالشلل والجلطات، إضافة إلى تجهيز وتشغيل عدد من العيادات الطبية المتنقلة في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة والقصيم، وكذلك تشغيل فرق طبية استشارية لزيارة المناطق النائية وتيسير حصولهم على العلاج، وتحويلهم للمستشفيات الكبرى بالمناطق الإدارية المختلفة.

‏السبيعي رحمه الله لم يكن رجل أعمال عادي.. بل كان سفينة خير تسير بين الناس.. حيث كان يبحث بنفسه عن الفقراء ويزوج أبناءهم.. ويبحث عن الأيتام ويتكفل بهم.. ويقدم سلال الغذاء في رمضان للأسر المحتاجة.. ويتبنى المشاريع البسيطة للفقراء ويصلح منازلهم بل ويسعى لتمكينهم من برامج الإسكان التنموي.. ولتزايد أعماله الخيرية، تم اختياره كعضو في مجلس إدارة الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، وتم اختياره أيضًا لعضوية مجلس إدارة مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين، إضافة إلى أنه رحمه الله كان عضوًا مؤسسًا في جمعية رعاية الأيتام (إنسان) وعضوًا مؤسسًا في جمعية رعاية الأطفال المعاقين؛ وأسس السبيعي رحمه الله في 2013 كياناً وقفياً مستقلاً جمع فيه كافة أصوله الوقفية، وعين عليه نخبة من أهل الاختصاص في الجوانب الاستثمارية والمحاسبية والشرعية، وأسس له ذراعاً استثمارياً احترافياً لإدارة الاصول واستثمارها وهي “شركة الضليعة للاستثمار” كما أسس ذراعاً خيرياً للأوقاف وهي مؤسسة محمد ابراهيم السبيعي وأولاده الخيرية (غروس).

وقبل رحيله أوصى السبيعي ابناءه وبناته بالسير على نهجه في العمل التجاري والعمل الخيري وأداء الواجب المجتمعي والوطني، حيث يديرون استثماراتهم عبر شركة محمد ابراهيم السبيعي وأولاده للاستثمار (ماسك)، ويشرفون عبر عضويتهم في مجالس النظارة والأمناء على المشروعات والمبادرات الخيرية والاجتماعية التي وضع أساسها والدهم الراحل رحمه الله.

*كاتب سعودي
زر الذهاب إلى الأعلى