محليات

حوار صحفي مع رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر الدولي الثاني لتطوير الدراسات القرآنية بجامعة الملك سعود

تستضيف جامعة الملك سعود هذا الأسبوع فعاليات المؤتمر الدولي الثاني لتطوير الدراسات القرآنية تحت عنوان ” البيئة التعليمية للدراسات القرآنية : الواقع وآفاق التطوير” على مدى أربعة أيام ، وينظم المؤتمر كرسي القرآن الكريم وعلومه بكلية التربية بالتعاون مع مركز تفسير للدراسات القرآنية، ويسرنا في هذا اللقاء إلقاء الضوء على محاور هذا المؤتمر مع رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر.

تعريف بالضيف :

أ.د.عبدالرحمن بن معاضة الشهري . الأستاذ بجامعة الملك سعود، والمشرف على كرسي القرآن الكريم وعلومه بكلية التربية، ومدير عام مركز تفسير للدراسات القرآنية . رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر .

الأسئلة :

1- يأتي المؤتمر تحت عنوان “المؤتمر الدولي الثاني لتطوير الدراسات القرآني” فما الجهود المبذولة لتطوير الدراسات القرآنية برأيكم ؟

ج / الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله . وبعد :

المتابع للأنشطة التي تخدم القرآن الكريم وتسعى للتطوير يلاحظ بدء الوعي بضرورة تطوير كل ما يتصل بالدراسات القرآنية في العالم بنسب متفاوتة، فتجده في المملكة العربية السعودية وفي الكويت وفي الأردن وفي قطر وفي البحرين وفي المغرب يتطور بشكل ملحوظ بحسب متابعتي الخاصة، وفي بقية الدول بنسبة أقل ولكنه يتطور كذلك، ويوماً بعد يوم في السنوات الأخيرة تتسارع وتيرة التطوير في قطاع الدراسات القرآنية بشكل متفرق وفردي أحياناً، ثم بدأت الآن تنظم جهود التطوير في جهود مؤسسية قوية في أنحاء العالم الإسلامي. ونتوقع للمستقبل أن يكون حافلاً بالمزيد من الجهود والمشروعات التطويرية في قطاع الدراسات القرآنية ، وأسأل الله التوفيق والنجاح لهذه المشروعات وللقائمين عليها. وقد حصرنا الجوانب التطويرية الكبرى للدراسات القرآنية في : الجوانب العلمية والمعرفية وتمثل الجانب الأساس في التطوير، وفي الجوانب التنظيمية الإدارية المساندة للمشروعات القرآنية، وفي الجوانب التمويلية التي تمول تلك المشروعات، وفي الجوانب الإعلامية التي تساند هذه المشروعات، وفي الجوانب التقنية وتعتبر من أحدث الجوانب وأهمها في العصر الحديث، وفي الجوانب التشجيعية التي ترصد لتشجيع المتخصصين وأهل القرآن للعمل بجد في هذه المشروعات التطويرية . ولا يكاد يخرج عن هذه المجالات جانب مهم يتعلق بالتطوير في حقل الدراسات القرآنية، ولو تم تغطية هذه الجوانب فقد نجحنا نجاحاً كبيراً في خدمة القرآن وعلومه عالمياً.

2- ما الواقع الإداري للمؤسسات القرآنية؟ وما الأفكار والمبادرات الإدارية والتعليمية التي تساعد على النهوض الإداري والتعليمي بالمؤسسات القرآنية؟

ج/ يرجع بعض الباحثين أزمتنا إلى أنها أزمة إدارة،  وتسببت تلك الأزمة في تعثر الكثير من المشروعات العلمية والتنموية والصحية وغيرها. ومن خلال تجربتي في العمل الجامعي منذ أكثر من عشرين سنة أتفق مع مثل هذه المقولة، حيث إن الضعف الإداري، وعدم وضوح الرؤية سبب رئيسي في الإخفاق، فقد تولى زمام إدارة بعض المؤسسات العلمية والبحثية إداريون يفتقرون إلى أبسط مقومات المدير الناجح الذي يحسن استشراف مستقبل مجاله الذي يعمل فيه، ولذلك يعمل بطريقة تقليدية بطيئة تقتل العزيمة والطموح في نفوس الموظفين والباحثين مما يولد في نفوسهم الإحباط والتسرب من هذه المؤسسات، والمؤسسات القرآنية ليست بعيدة عن هذه المشكلات. وقد بدأت عدد من المؤسسات القرآنية في تنظيم أعمالها الإدارية، واتخاذ خطط إدارية استراتيجية تسير عليها وتهتدي بها في عملها، وقد أثمر ذلك ولا يزال ولله الحمد.

وأعتقد أن السير في طريق التطوير والجودة صعب ولكنه ممتع، وهو طريق له بداية وليس له نهاية، ولا يصبر عليه إلا المؤمنون بأهميته، بخلاف من يتخذ العمل في هذه المؤسسات نزهة وتزجية للوقت. ويحتاج المشتغلون والعاملون في المؤسسات القرآنية كغيرهم من العاملين في المؤسسات التعليمية إلى التطوير والتدريب المستمر على أحدث الأساليب الإدارية الملائمة لوطننا العربي وهي متوفرة ولله الحمد بشكل كبير، والمطلوب فقط تحديد الاحتياجات التدريبية لهم حسب أعمالهم ووظائفهم التي يمارسونها في المؤسسات ثم الالتحاق بالدورات التدريبية وصقل هذه المهارات بالتجربة والممارسة والتقويم المستمر. وبهذا سوف يتكون لدينا كفاءات إدارية متخصصة في المؤسسات القرآنية تستطيع النجاح بهذه المؤسسات القرآنية الواسعة .

 

3- لماذا تم تخصيص تطوير البيئة التعليمية في الدراسات القرآنية ليكون محل البحث والنقاش في هذا المؤتمر ؟ وما أهم محاور المؤتمر ؟

ج/ يأتي ذلك لما للجانب التعليمي من أهمية بالغة، ولأن تطوير الجانب التعليمي ينعكس على كافة جوانب الدراسات القرآنية إيجاباً، والجامعات والمؤسسات الأكاديمية هي الحاضنة الكبرى لتطوير برامج تعليم الدراسات القرآنية، ولذلك حرصنا في كرسي القرآن الكريم وعلومه بجامعة الملك سعود على تناول هذا المحور المهم في هذا المؤتمر، وتركيز البحوث والنقاشات في مسائله، حتى يثمر المؤتمر، ويجد المشاركون مجالاً واسعاً للحوار والنقاش حول سبل تطوير قضايا تطوير تعليم الدراسات القرآنية ومشروعاتها.

وقد اشتمل المؤتمر على ستة محاور أساسية، الأول منها عن الاعتماد الأكاديمي ومعايير الجودة للمؤسسات القرآنية، ويشمل البحوث والدراسات والتجارب في اعتماد برامج ومؤسسات تعليم الدراسات القرآنية، والمحور الثاني عن البرامج الأكاديمية للدراسات القرآنية، ويستعرض هذا المحور عدداً من البرامج الأكاديمية في تعليم القرآن وعلومه في مؤسسات أكاديمية متفرقة حول العالم، أما المحور الثالث للمؤتمر فيستعرض عدداً من البرامج غير الأكاديمية لتعليم الدراسات القرآنية، والتي تعلم الدراسات القرآنية خارج نطاق الجامعات مثل الكتاتيب ونحوها، ويأتي المحور الرابع ليتحدث عن تعليم الأطفال القرآن وعلومه، والمحور الخامس عن تعليم الدراسات القرآنية بغير العربية واستعراض الجهود في ذلك وتقويمها، والمحور السادس عن تمويل مشروعات تعليم الدراسات القرآنية وبعض المشروعات في ذلك.

 

4- هل يقتصر المؤتمر على هذه المحاور أم أن هناك فعاليات مصاحبة أخرى؟

ج/ نحن حريصون على أن يكون المؤتمر الدولي لتطوير الدراسات القرآنية تظاهرة قرآنية عالمية تفخر جامعة الملك سعود بتنظيمها واستضافتها، ويأتي ذلك منسجماً مع طموحات إدارة جامعة الملك سعود في خدمة القرآن وعلومه، ولذلك فهناك فعاليات مصاحبة للمؤتمر تتضمن حلقات نقاشية متنوعة يشارك فيها باحثون وطلاب دراسات عليا، وهناك دورات تدريبية نوعية متميزة تم اختيار موضوعاتها والمدربين بعناية حتى يكون لها أثر محمود، ويقبل عليها الراغبون وتنعكس على تكوينهم العلمي والإداري بشكل إيجابي، كما يشتمل المؤتمر على معرض للمؤسسات القرآنية لطرح إصداراتها وقد شارك فيه أكثر من ثلاثين مؤسسة قرآنية حول العالم، وسيشارك في المؤتمر جامعات القرآن الكريم وكلياته وأقسامه في الجامعات، ومراكز البحوث في القرآن الكريم، والجمعيات العلمية المتخصصة أو المهتمة بالقرآن الكريم وعلومه، والمؤسسات والمنظمات الدولية ذات الصلة بموضوع المؤتمر، بالإضافة إلى الباحثين المتخصصين والمهتمين.

 

5- ما التقنيات الخادمة لتعليم القرآن وعلومه؟ وكيف يمكن تطويرها وحسن استثمارها؟

ج/ توسعت اليوم التقنيات بشكل متسارع جداً ، وقد أحسن المسلمون ولله الحمد استثمار التقنية في خدمة القرآن الكريم بشكل جيد يثلج الصدر، فأنتجوا المصاحف الإلكترونية الموثوقة، وأدمجوا معها التفاسير والترجمات باللغات، وبأصوات كبار القراء في العالم الإسلامي، وتطورت هذه التقنيات بحسب تطور التقني نفسها، فبعد أن صدرت أقراص الليزر قديماً لتقديم هذه الخدمات ثم انتقلت للشبكة العنكبوتية بعد ذلك ولا زالت تتطور تقنيات الانترنت يوما بعد يوم، ثم اليوم على أجهزة الهواتف الذكية وغيرها أصبح القرآن الكريم وتقنياته تحظى برعاية كبيرة، وتطبيقات متميزة على هذه الأجهزة، وانتفع بها ملايين المسلمين في أنحاء العالم، فهم يسمعون القرآن ويقرأونه ويطلعون على تفاسيره الموثوقة بسهولة ويسر ولله الحمد. وكل يوم نسمع عن تقنية جديدة في خدمة القرآن الكريم للصم والمكفوفين، وهي مشروعات متجددة، في حاجة إلى التطوير المستمر.

6- ما أفضل المشروعات التشجيعية للبحث العلمي في القرآن وعلومه؟ وما أفضل الطرق لتطوير هذه المشروعات وتوسيع دائرتها؟

ج / تعتبر الجوائز التشجيعية التي تقدم اليوم في الدول الإسلامية من أبرز المشروعات التي تشجع تطوير العناية بالقرآن الكريم حفظاً وتفسيراً وخطاً وطباعة وخدمة لعلوم القرآن المختلفة . وقد ظهرت هذه الجوائز قديماً في التاريخ الإسلامي ، ولا تزال حتى اليوم ظاهرة الأثر في دفع الطلاب والباحثين للتنافس في سبيل تحقيق هذه الجوائز ، فآتت هذه الجوائز أُكُلَها في انتشار حفاظ القرآن في العالم فأصبحوا بالملايين ولله الحمد ، وتناقلت وسائل الإعلام أحداث هذه المسابقات الدولية والجوائز التشجيعية المتخصصة في القرآن الكريم وعلومه . وأنا أدعو للمزيد من هذه الجوائز في خدمة تطوير الدراسات القرآنية في مختلف الجوانب، فيكون هناك جوائز قيمة للتنافس في إصدار بحوث قيمة في موضوعات قرآنية محددة ، ويكون هناك مسابقات في أفضل البرامج الإعلامية القرآنية والوثائقية المتعلقة بالقرآن الكريم وهكذا ، وبهذا تزدهر خدمة القرآن الكريم في مخلتف الجوانب بواسطة التشجيع والتنافس  بين المؤهلين على مستوى العالم الإسلامي والفائدة يجنيها الجميع في زيادة العلم والمعرفة بالقرآن الكريم ونشر ثقافته في الأمة الإسلامية .

 

7- ما أجود الطرق القائمة لدعم مشروعات تعليم الدراسات القرآنية؟ وكيف يمكن جذب المستثمرين لدعم المشروعات القرآنية؟

ج/ الطرق الحالية هي التبرعات المباشرة والدعم المباشر من أهل الخير والمعروف في المجتمع، ولكنها تبقى جهود متفرقة غير منظمة ومستمرة . ولذلك تتجدد معاناة القائمين على المشروعات والمؤسسات القرآنية كل عام بل كل شهر عندما يحين وقت دفع الرواتب والمستحقات ، حيث تعاني هذه الجهات من ضعف التمويل ، وقلة الخبرة في الحصول على التمويل، ولذلك تتعثر أو تبقى في مستوى متدني من الإنجاز بالرغم من مرور السنوات الطويلة على انطلاقها ، وللأسف أن البنوك والشركات العملاقة في بلاددنا مقصرة جداً في تقديم الدعم للمشروعات القرآنية خصوصاً وللمشروعات التطوعية عموماً ، وكان الأولى بها وهي التي تعيش في وسط هذه المجتمعات المسلمة وتحقق أرباحها الخيالية من جيوبهم واستهلاكهم لمنتجاتها أن تبادر لدعم مثل هذه المشروعات التطوعية شكراً وعرفانا لهم ، ولكن ثقافة دعم العمل التطوعي ضمرت وضعفت في مجتمعاتنا، وهي في حاجة إلى إعادة الوعي بها وبأهميتها . وهذا دور الإعلام والمفكرين الناصحين للأمة .

8- ما واقع خدمة الإعلام لتعليم القرآن وعلومه؟ وكيف يمكن توظيف الإعلام بمختلف وسائله لخدمة القرآن وعلومه للناس؟

ج/ الإعلام يقوم اليوم بتقديم خدمات جيدة للقرآن وعلومه ، فأصبح هناك قنوات متخصصة في القرآن الكريم ولكنها للأسف تقتصر على التلاوة فقط ، وتبث التلاوةخلال 24 يومياً ، وهذا فيه خير كثير ولا شك ، ولكنني أطمح إلى أن نؤسس قناة عالمية متخصصة في التفسير وخدمة القرآن باحترافية عالية، وبث نقي، واستمرار قوي ، ويكون إنتاج هذه القناة متميزاً من حيث المحتوى والمظهر ، وهذا يكلف ميزانيات ضخمة يستحقها القرآن الكريم ، فهو الكتاب السماوي الوحيد الذي جعله الله للبشرية كلها ، وللأسف أننا لم ننجح بعدُ في إيصال هدايته للبشرية المتعطشة له ولعلومه ولفهمه ، حيث أصبحنا للأسف نخصص المليارات الطائلة لقنوات الرياضة والأفلام والمسلسلات، وإذا قلنا نخصص للقرآن وتفسيره قناة ضخمة متميزة قالوا : ميزانيتها غالية ، علماً أنها لا تكلف في العام الواحد أكثر من عشرين مليون ريال ، ولكنني على ثقة بأن أمتنا الإسلامية مليئة بالصالحين من رجال الأعمال الذين يدركون أن هذه الثروات أمانة في أيديهم ، وعارية مستردة يوشك أن تتنتقل للورثة .

وأما كيفية توظيف الإعلام لخدمة القرآن الكريم فلذلك صور كثيرة ، فالبرامج التي تعلم التلاوة الصحيحة في القنوات الفضائية حققت نجاحاً كبيراً، ونشرت الخير في الأمة، وعلمت الناس كيف يتم تصحيح التلاوة للقرآن من خلال التصويب المباشر لتلاوات المشاهدين المتابعين للبرامج ، وكذلك البرامج التي تعلم الناس أحكام التجويد النظرية مفيدة جدا للناس ، والبرامج التي تعنى ببيان معاني القرآن الكريم وتفسيره وموضوعات علوم القرآن التي تهم كل مسلم ويكثر السؤال عنها والتعريف بكتب التفسير المهمة وغيرها مما يحتاجه المسلم مهما كان مستواه العلمي وتخصصه . وقد شاركت شخصياً في تقديم أكثر من ألف حلقة تلفزيونية متعلقة بالتفسير وعلوم القرآن خلال السنوات الثمان الماضية ولمست حاجة الناس وتفاعلهم مع هذه البرامج القرآنية التي تعينهم على فهم القرآن وتدبره والقرب منه ، وهذه فرصة للمتخصصين في القرآن وعلومه ليقدموا للأمة هذا العلم ويقربوه وييسروه للناس . وأما مجالات توظيف الإعلام الجديد على الانترنت وغيرها فهو مجال واسع جداً ، ولذلك قمنا في كرسي القرآن الكريم وعلومه بجامعة الملك سعود بدعم مشروع علمي بحثي ميداني لدراسة مجالات توظيف الشبكات الاجتماعية في خدمة القرآن الكريم وعلومه وهي دراسة تحليلية على عينة من صفحات وحسابات تويتر وفيسبوك ويوتيوب المتخصصة في القرآن وعلومه ، وقد أصدرنا الدراسة في كتاب بعد تحكيمه وإجازته من المتخصصين.

 

9- أخيراً ..كيف يمكن الحصول على بحوث المؤتمر ؟ وهل هناك موقع إلكتروني لمتابعة فعالياته ؟

ج/ نعم تم طباعة بحوث المؤتمر في سبعة مجلدات توزع على الحضور، وهو سجل علمي حافل ببحوث قيمة خضعت للتحكيم العلمي، وهي متاحة أيضاً للتصفح والتحميل من خلال موقع المؤتمر الإلكتروني

www.quranicconferences.com

وسيتم بث فعاليات المؤتمر من خلاله مباشرة، وسترفع كل المحاضرات والجلسات على الموقع ليتمكن من الاطلاع عليها الراغبون في ذلك .

زر الذهاب إلى الأعلى