يكتبون

صيفنا في عسير أحلى

أجواء رائعة خلابة تتغشى منطقة عسير في هذه الأيام، فمع الحظر الذي صاحب جائحة كورونا، ازدانت الأرض وتوشحت بالخضرة، خضار عجيب غير مسبوق، أحد أسبابه الأمطار الغزيرة التي أذن بها الله قبل موعدها الذي اعتاده الناس، إضافة إلى انحسار كثير من نشاطات الإنسان الهدامة التي كانت تهدم البيئة وتضر بها.

ولظروف الجائحة وما صاحبها من تنظيمات صحية وأمنية مساهمة إيجابية في حصر تلك الأدوار السلبية، فكان نتيجتها الطيبة أن عاد للجو صفاؤه وللهواء نقاؤه وللأرض زخرفها وزينتها، وهذا أحد أسباب تزايد أعداد السياح وكثرتهم ليكون هذا الموسم في عسير استثنائيا في كل شيء، بدءا بالطبيعة الخلابة والأجواء الرائعة، وصولا إلى الأعداد المتزايدة من أبناء الوطن الذين ما زالوا يراهنون على عسير كوجهة سياحية خلابة آسرة وأسيرة.

منطقة عسير تملك كثيرا من مقومات السياحة، ولعل أهمها الطبيعة الخلابة والخضار الدائم والجو المعتدل، خاصة في الصيف، وهذه الأشياء هي التي يبحث عنها السائح السعودي القادم من المناطق الأخرى، وفي هذه الأيام ومع هذا الظرف الاستثنائي الذي يعيشه العالم ويتعايش معه، توقفت السياحة الخارجية وصار السعودي يبحث عن متنفس داخلي ينيخ فيه ركائب تعبه ويعيد فيه الاتزان لنفسه، فكانت عسير ذلك الخيار الأجود والأجمل.

عسير لها مع السياحة قصص ومنجزات، ولعل الأمير خالد الفيصل هو أول من حاول التأسيس لهذا المفهوم بأبعاده الاقتصادية والتنموية، فبدأت المنطقة منذ بواكير خطط التنمية الأولى خططا طموحة لترسيخ هذه الصناعة والدفع بها إلى مدارات أكثر ازدهارا وطموحا وإنتاجية، فكانت مشاريع حكومية تمثلت في المتنزهات الوطنية والبنى التحتية، وتأهيلها لتكون أماكن مهيأة للتنزه وقضاء الأوقات الجميلة، وكانت الإدارات الحكومية وما زالت تساهم بشكل مكثف في نجاح مواسم الصيف وصناعة محتوى خدمي وترفيهي يتماشى مع طبيعة المكان وطبيعة زائره وما يريده، وفق خصوصية العائلة السعودية وما ترنو إليه، فكانت المهرجانات والأمسيات والمناشط الفنية الأخرى التي رفدت السياحة مفهوما وممارسة وساهمت في ترسيخ عسير كمنطقة جذب سياحي واعدة مليئة بفرص النجاح الاقتصادية والثقافية.

ومع تقادم السياحة ممارسة وخبرة في هذا المكان العزيز، يتضح مدى ملاءمة المنطقة وإنسانها وقدرتهما على إنتاج صناعة سياحية تسهم في رفع مستوى اقتصادنا المحلي وترفده بعديد من فرص النجاح وقصص التغيير التي ستساهم في تنوعنا الاقتصادي، وضمان استمرارية إنتاجيته وتجاوز أرقامه للمعدلات التقليدية والمنتظرة، وهذا ما يتماهى وينسجم مع رؤية المملكة الطموحة من خلال محاورها الرئيسية الثلاثة: المجتمع الحيوي والاقتصاد المزدهر والوطن الطموح، وهذا ما يمكن تحقيقه من خلال صناعة سياحية دائمة ومزدهرة في عسير.

هي دعوة لرجال الأعمال والمهتمين بهذه الصناعة إلى إعادة توطين مفاهيمهم الاستثمارية وإعادة زرعها في مناطقنا السياحية الخصبة، ودعوة للجهات الحكومية ذات العلاقة لإيجاد حلول ناجعة للإشكالات التي قد يواجهها زوار المنطقة في الخدمات والأسعار والفعاليات، ودعوة أخرى وهي الأهم للمواطن السعودي لتفهم ما يتوجب عليه من مسؤوليات تجاه وطنه، وأن هذه الصناعة تعتمد عليه كمحرك رئيس لها، وهذا ما يفترض أن تعيه الأسر التي تعودت شد الرحال كل صيف خارج حدود الوطن، ليبقى إنسان عسير حجر الأساس في هذه الخطة وهذا الحلم من خلال استيعابه مفاهيم السياحة، خاصة أبعادها الاقتصادية، وأهمها تفعيل المشاريع الصغيرة التي ستتحول مع الزمن وتراكم النجاحات إلى تكتلات تجارية تسهم في ازدهار هذه الصناعة وتنعكس إيجابا على الوطن واقتصاده وخططه ورؤاه الحاضرة والمستقبلية.

نقلا عن صحيفة “مكة”

زر الذهاب إلى الأعلى