يكتبون

عام هجري جديد

– الإعوام الهجرية لم تَعُد مطبوعةً في ذاكرتِنا بشكلٍ جيد، جاءَ العامُ الميلادي بملامحه وأيامه التي لم نكن ننتظرها، أو ندققَ فيها، إلا حين بدأت في العزف على النغمةِ الأرقّ والأدقّ، “نغمة الإقتصاد”، فتحولنا من بعدها مرحبين بـ ” يناير “، ومتأهبين لـ “اغسطس”، ويقظين في وداع “ديسمبر”.

– العام الهجري يخيفنا إذا حسبنا في حضرته أعمارنا، لكن العام الميلادي يجيء فيمارس لهفةَ الكذبِ الأبيض قائلاً: أنتم أصغرُ بكثير، لديكم أيامَ مختبئة، خجولة، ومتبقية.

– أيُ عامٍ جديد بـ “قذفِ النظرِ” عن إنتمائه، يخيفنا، يأتي على أكفنا ويجعلها في طريقها لجباهنا، ونظل نجس حرارتنا وأوجاعنا ورصيدنا مع التفكير والتألم والتأمل، ثم يجعلنا بعد ذلك مُنصرفين إلى التذكّرِ الشرسِ وسِحرِ اليقين المؤقت.

– أي عامٍ جديد بعيداً عن نقطة البدء يصنع فينا دهشةً بريئة، ويزرع لذةً قد تحملُ شقاءنا، وقد تحمل أيضاً آمال ترفض أن تتوقف، وطموحاتٍ تَغْضَبُ إن قلنا لها ذات عجز.. ستشيخين، كل هذا نفعله ونعلق شيئاً غامضاً على مشجب العام، ونُحييه كما لم نحيي عاماً من قبل ثم نمضي.

– عام هجري بين الـ ١ والـ ٢ ويضم في أحضانه رقماً واحداً لـ مرتين، هل هو عام لــ الاحتمالات الضيقة، الدروب المتقاربة، الظروف المتشابهة، الأرواح التي عليها أن تفرق جيداً بين الرقم ١ وأحدٍ ما؟.

– دائماً نكون مندهشين من كل الذين يأتون سريعاً ويمضون سريعاً، ونكون تحت وطأة الصدمة من كل الأشياء العابرة في غمضة عين، ومستسلمين إزاء الكلمات التي لن تعود كالثقة، أو الكلمات التي تحرقنا وتحرق أصحابها كـ الكذب والظلم والكراهية.

– مع العام الجديد نحن عالقون دائماً، ساذجون أحياناً، أبرياء كثيراً، ويقظين نادراً، وهواة للـ مآزق والإخفاقات المضحكة، مُشعّون بشكل أقل ومهووسون بطريقة أكثر.

– مع اليوم الأول للعام الجديد، علينا أن لا نؤذي انفسنا، وألا نقسو على ذاكرتنا، ونعيش بريئين بفريق كامل من الوعي، ونعقد هواجسنا في منديل ثم نَقذِف بها لـ البعيد .. البعيد … البعيد ..

*كاتب سعودي

زر الذهاب إلى الأعلى