أبرز المواديكتبون

قمة جدة …كشف غمة وأمل أمة

د.أحمد بن سعد ال مفرّح*

شدت قمة جدة الانتباه بشكل غير مسبوق، فقد جمعت العرب على الطاولة بعد غياب، وقربت وجهات النظر، ونزعت فتيل الألغام التي زرعها وخلفها الربيع العربي، وجمعت الفرقاء تحت قبة البيت العربي وعلى أرض مهبط الوحي وفي ضيافة مملكة الإنسانية وبيت العروبة وقبلة المسلمين وحاضنة الأمة.

ولقد أعجزت القمة الألسن المخلصة والأبية أن تعبر عن مكنونها وأن تروي عطش مشاعرها بما نتج عن القمة، ولم تخفي سعادتها بهذا الإنجاز الذي قطع الطريق أمام الطامعين في اقتسام الأوطان العربية وضمها لدولهم الحزبية أو الطائفية فأصيبوا في مقتل.

والقمة أثارت إهتمام الحاقدين ولفتت أنظار المتآمرين، وأصمّت قرارتها آذانهم وأعمت بصائرهم وبصيرتهم، فهرعوا يصوبون سهام حقدهم في غرف التواصل المعتمة وخلف ستار الأسماء المستعارة على مخرجات القمة، وإن كان الماضي العربي القريب مؤلم على شريحة كبيرة منه، فإنه لا يمكن للعقلاء أن يبقوا الوضع على ما هو عليه تلافياً لتعميق حدة الألم وأثاره الجسيمة، فلابد من وقف النزف وترميم الأعضاء لينمو الجسد مرة أخرى ويشتد عوده ويعود إلى البذل والعطاء من جديد، ومن تسبب في ذلك الوضع المزري والمؤلم فأمره إلى الله، وكفى بالله وكيلا.

دون شك أن القمة هي قمة لم الشمل الذي لم يرق انعقادها ومستوى حضورها لمن دأبه وشأنه الانتقاص من النجاحات التي تحققها المملكة على الصعد كآفة، فمن قلب الحدث أحدثكم، ومن بعض زوايا مختلفة في الغرب وفي غيره، نسمع جعجعة المفسدين ولا نرى لهم طحنا، فقد عاشوا ويعيشون حياة المرواغة كما هي الثعالب المخادعة والحيَات السامة التي تعمد على نفث سموم غيها ضد كل بارقة أمل لرأب صدع الأمة واجتماع كلمتها، لأنهم ببساطة يقتاتون على بقايا موائد الإنجازات وفتات طعام الأسود التي خرجت وتخرج دوماً بجسارة من عرينها إلى مواجهة متطلبات الحياة المتوحشة والأوضاع الشرسة في غابة المصالح الدولية من أجل الظفر بنصيب وافر لإطعام غيرها، وتتزود به للنهوض بشعوبها وبالأمة واعتلاء عرش القيادة والزعامة لكي تنتشل العرب من براثن الفقر والبطالة وتعيد لهم الهيبة والمكانة وتنتزع من أنياب الذئاب المفترسة لقمة العيش الكريم للعرب والمسلمين.

ومن الطبيعي أن تتعرض تلك الأسود القوية لسهام الأعداء والطامعين وهي تدافع عن عرينها وتقود غيرها إلى بر الأمان وواحة الحرية وشطئان العزة وقمم الكرامة ليزدهر في الربوع عطاء الإنسان العربي ويستمر في أداء رسالته في الحياة ويزاحم بالمناكب عالم القوة والحضارة المعاصرة.

أما الثعالب الماكرة فيخيفها زئير الأسود المهابة فتركن إلى الاختباء في أوكار التآمر الهشة ولا تملك سوى مع كلابها إلا النباح على مرور قوافل النهضة والنماء والعزة والآباء، أو تتبع أثرها في الخفاء باحثة عن ما خلفه الأسود من طعام، فلا هي شبعت ولا هي كفت عن النباح، فعادت إلى أوكارها منكسرة وخائبة في انتظار مائدة أخرى وفريسة قادمة لعلها تنهش منها اليسير إن تيسر..!

*عضو مجلس الشورى السابق – فيينا

زر الذهاب إلى الأعلى