يكتبون

لا يراك الله إلا مُحسنا

د. عبدالرحمن المعاوي

بين فجر الجوائز التي ينالها الصالحون بما قدمته أيديهم وانطوت عليه سرائرهم من أعمال تتضاعف أجورها بفضيلة الزمان أو المكان وبين عتمات الليالي التي غرسوا فيها بذور أعمالهم الصالحة مرحلة لا تقاس بالزمن وإنما بعدد أنفاس تلك الساعات والليالي والأيام التي قاوموا فيها رغبات الأنفس وهجير القوائل وحب الدنيا؛ فكان فجر العطايا بالنسبة لهم هبات من الرحمن لا منتهى لحسناتها ولا حد لرفعة درجاتها (إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)؛ وعلى غرار الصدق مع الله فيما افترضه على المسلم تكون حياة أصحاب الهمم العالية، والأنفس التواقه لخدمة مجتمعاتهم ووطنهم، السباقون دائماً لأخذ زمام المبادرة في كل ما من شأنه رفعة الأمة وخدمة الوطن والمجتمع.

هؤلاء هم المبادرون في مجتمعاتهم، وهم المؤثرون في محيطهم، وهم أنفسهم الفاعلون في كل مجالات الحياة لخدمة المجتمع ونهضة الوطن وبلوغ المراكز المتقدمة في كل ميادين التنافس المحمود، والأداء بحيوية ونشاط وصدق وإخلاص.

وتمتد حياة أولئك الذين يعملون للمجتمع من حولهم لتكون حياتهم أطول وأجمل بخلاف من يعيش لذاته وبنظرته المحدودة في طريق مخصوص لا أثر ولا تأثير.

فالحياة تقاس بالأثر طولًا وجمالًا وسعادة، ومن كان له أيادٍ بيضاء في مجالات الحياة المختلفة والتي يتفيأ ظلالها كل من حوله من الناس والمجتمعات كلما امتد له الأثر وبقي له الذكر الحسن وكان في سويداء القلوب من كل من حوله، ومن عرفه، ونال بعضًا من فيض جميله ومبادراته.

ومما لا شك فيه أن هناك من الناس من له نظرة للحياة يكتنفها الحب والأمل وحب الخير للجميع، وهؤلاء هم عماد المجتمعات، وعلى أكتافهم تقوم المبادرات، وبفكرهم الوهاج ترسم الحياة مستقبل أجيالها وينال الوطن شرف نهضته وتحقيق أهدافه.

هؤلاء هم مشاعل نور لكل من حولهم، فمن سار على خطاهم بلغ من المجد سنامه، وحقق للمجتمع أحلامه، وعاش والناس تحمل له كل حب وكرامة، وأصبح التاريخ خير شاهد على ما تركه ذلك المبادر المبدع من أثر، وما خلفه من ذكر حسن، وما شيده طوال حياته من صنائع معروف لا تنقضي، و قدوة لمن بعده لا يمحو لها الزمان أثر.

وإنني أدعو نفسي وأدعوك أخي الكريم ألا نحط رحالنا إلا في ركاب المبادرين الأوفياء، وألا نسير إلا في طريق المخلصين الأتقياء؛ فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.

*عضو ومؤسس الجمعية الصحية الإسانية بيشة

زر الذهاب إلى الأعلى