دولي

مسؤولون وشيوخ عشائر: أسرى “البيشمركة” ما زالوا أحياء

بث تنظيم داعش، فجر الأحد، فيديو مصوراً يعرض فيه أسرى عراقيين أكرادا يرتدون زيا برتقالي اللون، وموضوعين داخل أقفاص، قال إن غالبيتهم من البيشمركة الذين أسروا حسب قائد في القوات الكردية خلال هجوم للتنظيم في كركوك الشهر الماضي. فيما أكد مسؤولون وشيوخ عشائر أن أسرى “البيشمركه” ما زالوا أحياء، في ظل شكوك قوية حول مصير المقاتلين الأكراد.

والتساؤل الذي يطرح نفسه بعد بث الفيديو هو: هل قتل داعش الأكراد العراقيين؟ ويبدو هذا الاحتمال مرجحا خاصة أن تنظيم داعش دأب من قبل على بث مقاطع فيديو لأسراه قبل إعدامهم، وتبين أن تنفيذ عمليات الإعدام المذكورة كان في توقيت متزامن مع بث تلك المقاطع والتهديد بقتل الأسرى، مثلما حدث مع الطيار الأردني معاذ الكساسبة، والعمال المصريين في ليبيا.

وفي واقعة الطيار الأردني الكساسبة، بث التنظيم فيديو لما قال إنها اعترافات الكساسبة، وبدا وجه الأخير في المقطع وقد تعرض للضرب. كما ظهر الكساسبة في فيديو ثان للتنظيم عن ذبح رهينة ياباني، وهدد خلاله التنظيم بإعدام الكساسبة، بل ودخل في مرحلة لاحقة في مفاوضات مع النظام الأردني من أجل إطلاق المتهمة، ساجدة الريشاوي التي أعدمها النظام الأردني عقب أيام من بث فيديو حرق الكساسبة حيا داخل قفص. وتبين أن داعش كان قد أعدم الكساسبة قبل شهر من بدء عملية التفاوض المذكورة.

وبث داعش في 3  فبراير فيديو حرق الكساسبة الذي أسر بعد سقوط طائرته في شمال سوريا في 24 ديسمبر.

وفي حالة الأسرى المصريين الذين أعدمهم داعش ذبحا في ليبيا، وبلغ عددهم 20 شخصا بالإضافة إلى شخص إفريقي، بث التنظيم في البداية صورهم على مجلته الإلكترونية الصادرة باللغة الإنكليزية تحت اسم “دابق”. وتبين بعد بث فيديو الإعدام، أنها ذات الصور التي ظهرت في المجلة، وظهر فيها عناصر داعش يقودون الأسرى المصريين الذين ارتدوا ما يعتبره داعش ملابس الإعدام البرتقالية اللون، بجوار ساحل البحر.

هذا ولم يحدد الفيديو الذي بثه داعش اليوم الأحد تاريخ عرض الأسرى أو مكانه، لكن مصادر كردية ذكرت أن الأمر حصل قبل نحو أسبوع في السوق الرئيسية لمنطقة الحويجة (55 كلم غرب مدينة كركوك) التي يسيطر عليها التنظيم.

 

إلا أن الفيديو الجديد الذي تداولته حسابات مؤيدة للتنظيم على مواقع التواصل الاجتماعي، فجر الأحد، ويحمل عنوان “ويشفِ صدور قوم مؤمنين” باللغتين العربية والكردية، لم يظهر أي عملية إعدام.

ويظهر الفيديو الأسرى وهم يقتادون واحدا تلو الآخر، مطأطئي الرؤوس ومقيدي اليدين، إلى أقفاص من الحديد موضوعة على شكل مربع في ساحة محاطة بجدران من الإسمنت مضادة للتفجيرات.

ويعرض الفيديو عند إدخال الأسرى القفص، لقطات من إحراق الكساسبة.

ووقف بجانب كل قفص عنصر ملثم يرتدي ملابس سوداء ويحمل مسدسا. كما وقف وسط الأقفاص عنصر ملتح يرتدي ملابس كردية تقليدية بنية اللون ولف رأسه بعمامة بيضاء، ليوجه رسالة باللغة الكردية إلى “الشعب الكردي المسلم”.

وجاء في الرسالة “نقول لكم حربنا ليست معكم، بل حربنا مع الكفار العلمانيين من الأكراد لأنهم يسوقونكم إلى النار بالكفر والإلحاد”. وأضاف “نقول لكم أيها البيشمركة اتركوا عملكم وإلا سيكون مصيركم كهؤلاء في القفص وإما تحت الأرض”.

وتظهر مشاهد لاحقة الأسرى موضوعين داخل الأقفاص على ظهر شاحنات صغيرة من نوع “بيك اب” تجول شارعا ضيقا وسط عشرات من السكان والمسلحين. ويختتم الشريط بمشهد للأسرى وهم يجثون على ركبتيهم وخلف كل منهم عنصر ملثم يحمل سلاحا رشاشا أو مسدسا.

وأرفق المشهد بلقطات سريعة من عملية ذبح 21 أسيرا مصريا قبطيا قام بأسرهم في ليبيا، وعرضت في فيديو آخر بث في 15 فبراير.

ويفيد الفيديو أن الأسرى هم ضابطان برتبة عميد وعقيد في الجيش العراقي، وثلاثة من عناصر شرطة كركوك، و16 عنصرا من البيشمركة.

وأوضح القائد في قوات البيشمركة في كركوك، اللواء هيوا رش، أن المقاتلين الأكراد “أسروا في الحادي والثلاثين من الشهر الماضي يناير، حينما صدت قوات البيشمركة هجوما لإرهابيي داعش (الاسم الذي يعرف به التنظيم) استهدف كركوك”.

وشن التنظيم الذي يسيطر على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه منذ يونيو، هجوما واسعا في كركوك نهاية يناير، حاول خلاله التقدم نحو المدينة الغنية بالنفط، والتي تتواجد فيها قوات البيشمركة منذ انسحاب الجيش العراقي منها قبل أشهر.

وأثار الفيديو ردود افعال كردية وعربية وتكهنات عن مصير الأسرى وهل مازالوا على قيد الحياة أم تمّت تصفيتهم؟ وأيّ الأماكن التي تم استعراضهم فيها؟

وقال المستشار الإعلامي لرئيس إقليم كردستان، المستشار كفاح محمود، إن “المكان الذي بدا في الفيديو هو منطقة الحويجة التي تتبع محافظة كركوك، وبحسب معلوماتنا، فإن الأسرى ما زالوا على قيد الحياة، والحويجة منطقة عشائرية ولذلك تجري الآن اتصالات بين العشائر الكردية والعشائر العربية من أجل الحفاظ على حياة الأسرى”.

وأضاف المستشار محمود لـ “العربية.نت” أنه “لم تتم تصفية غير اثنين من البيشمركه فقط ونشرت صورهما على الوكالات الإخبارية وفي التلفاز، أما الآخرون فهم أحياء ولم تجر أية مفاوضات بشأنهم حتى الآن، على غير ما يروّج في الإعلام”.

وفي اتصال هاتفي لـ “العربية.نت” مع أحد شيوخ عشائر “الحويجة” والذي تبيّن أنه الطرف الرئيسي في المفاوضات بين تنظيم داعش وبين العشائر الكردية، أوضح أن “الاستعراض الذي ظهر في الفيديو تمّ قبل أسبوع وليس اليوم، وذلك في قلب مدينة الحويجة ووسط الأهالي”.

وتابع الشيخ، الذي تحفّظ على ذكر اسمه لدواع أمنية، أن “في نيّة تنظيم داعش المساومة ومقايضة الأسرى الأكراد بأسراه، فضلا عن مطالب أخرى لا يمكن الحديث عنها الآن”، مبيّنا أن من تم استعراضهم في الفيديو ما زالوا أحياء، وهم قيد المفاوضات الآن”.

وبدوره، قال أحد أعضاء مجلس محافظة كركوك عن المكوّن الكردي، إن “15 أسيرا ممن ظهروا في الشريط هم من أسرى المعركة الأخيرة التي حدثت الشهر الماضي، أما الآخرون فقد أسروا في معارك سابقة”.

زر الذهاب إلى الأعلى