أبرز الموادالاقتصاد

الصين تحدد نغمة معنويات السوق النفطية .. المستثمرون يتطلعون إلى انتعاش الطلب في 2023

يعد عام 2022 من أصعب الأعوام التي خاضتها سوق النفط الخام، بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية، التي بدأت في 24 شباط (فبراير) من العام الماضي، وتستمر تداعياتها على السوق النفطية لأجل غير محدود.

وتسببت الحرب في قفزة هائلة في أسعار النفط في أعقاب الحرب وصلت إلى 140 دولارا للبرميل قبل أن تتراجع في الشهور اللاحقة تحت ضغوط المخاوف من الركود الاقتصادي والرفع المتكرر لأسعار الفائدة لاحتواء التضخم في الولايات المتحدة وعدة اقتصادات كبرى أخرى، إضافة إلى تجدد الإصابات بجائحة كورونا في الصين، ما هوى بأسعار النفط الخام تحت مستوى مائة دولار للبرميل.

كما شهد أكتوبر 2022 أكبر تحرك من تحالف “أوبك +” لخفض الإنتاج بعد عدة أعوام من الرفع التدريجي للإنتاج لتعويض ما حدث في عام 2020 بسبب اندلاع جائحة كورونا، وقد قام التحالف بخفض الإنتاج مليوني برميل يوميا بعد اتساع مخاوف الركود الاقتصادي العالمي، ويمتد العمل بالتخفيضات حتى يونيو 2023.

وذكر تقرير “وورلد أويل” النفطي الدولي أن صناعة النفط الخام خلال 2022 حققت نتائج إيجابية فيما يتعلق بصادرات النفط الخام التي حطمت مستويات قياسية وتدشين مشاريع للنفط بمليارات الدولارات.

ولفت التقرير إلى أن أسعار النفط الخام شهدت عاما خاصا من التقلبات الحادة، حيث كانت السوق الأمريكية تتطلع بشدة إلى مزيد من الإمدادات حتى مع تأرجح الأسعار الرئيسة بسبب المخاوف من الركود العالمي.

وذكر التقرير أن شركات الطاقة الدولية الكبرى كانت لها إنجازات واسعة بسبب العوائد الواسعة التي حققتها، مشيرا إلى أن شركة “إكسون موبيل” تمضي قدما في مشروع نفط جويانا البحري بقيمة عشرة مليارات دولار.

وأوضح التقرير أن العام الماضي شهد دعوة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إطلاق العنان للنفط الصخري الزيتي لمواجهة أزمة الطاقة المتفاقمة، بعد فترة كانت فيها الإدارة الأمريكية تتجنب عمدا دعم مشاريع النفط الصخري الأمريكي.

وذكر التقرير أن شركة لوك أويل كانت هي شركة النفط الروسية الوحيدة التي دعت إلى “حل سريع للنزاع العسكري” في أوكرانيا، موضحا أنه على صعيد آخر وصلت صادرات النفط الكندية إلى آسيا إلى مستوى قياسي، حيث تمكن منتجو الرمال النفطية الكندية من تصدير كمية قياسية من النفط الخام إلى الأسواق الخارجية بفضل ارتباط جديد بساحل الخليج الأمريكي.

وذكر تقرير “ريج زون” الدولي، أن أسعار النفط الخام أنهت عاما متقلبا بارتفاع، حيث يتطلع المستثمرون إلى انتعاش محتمل في الطلب الصيني خلال 2023.

وأشار التقرير إلى أن ختام الأسعار في نهاية 2022 كان بعيدا كل البعد عن الأرقام الثلاثية التي شوهدت في وقت سابق، بعد أن أدت الحرب الروسية – الأوكرانية إلى قلب الإمدادات العالمية ودفع الأسعار إلى الارتفاع.

وسجلت أسعار النفط الخام في ختام عام 2022، المكاسب السنوية الثانية على التوالي، حيث ربح خام برنت 10 في المائة مقابل 50 في المائة في عام 2020 بينما ربح الخام الأمريكي 7 في المائة بعد زيادة 55 في المائة في عام 2021.

كما حققت أسعار النفط مكاسب أسبوعية بلغت 3 في المائة لخام برنت، 2.4 في المائة للخام الأمريكي، بسبب تخفيف إجراءات الإغلاق في الصين واستمرار خفض الإنتاج في تحالف “أوبك +” وتداعيات توقف المصافي الأمريكية.

وذكر التقرير، أن مؤشر خام برنت العالمي شهد أكبر تقلبات أسبوعية على الإطلاق، فيما استمر نقص السيولة، وتنامت التقلبات الحادة، موضحا أن المكاسب تبخرت إلى حد كبير نظرا إلى المخاوف من أن جهود البنك المركزي لكبح التضخم ستؤثر في النمو، إضافة إلى حالة عدم اليقين بشأن توقعات الطلب في الصين.

ولفت التقرير إلى أن الصين تعمل حاليا على مواجهة حالات الإصابة بالفيروس المتزايدة، وتتزايد المخاوف بشأن تفش عالمي جديد، لكن هناك تفاؤلا بأن الطلب سينتعش في النهاية في أكبر مستورد للنفط الخام في العالم.

ونوه التقرير بظهور مشكلات سلسلة التوريد مرة أخرى، حيث إن تأثير الفيروس في اقتصاد الصين له آثار مضاعفة في جميع أنحاء العالم، لافتا إلى أنه في المقابل قالت الصين “إنها ستفتح بلادها أمام المسافرين الدوليين في الشهر المقبل”.

وذكر التقرير أن الحظر الذي فرضته روسيا على بيع النفط للدول التي فرضت الحد الأقصى لسعر البرميل 60 دولارا، يبدو له تأثير ضئيل في الأسعار حتى الآن، حيث ستظل الهند والصين وتركيا توفر منافذ بيع لخام الأورال الروسي، لأن هذه الدول لا تشارك في سقف الأسعار.

ونقل التقرير عن إدارة معلومات الطاقة في الأسبوع الماضي، تأكيدها أن مخزونات النفط الخام التجاري ارتفعت بشكل طفيف بمقدار 718 ألف برميل إلى 419 مليونا، ما أدى إلى تقليص العجز إلى 6 في المائة دون المستوى الطبيعي لهذا الوقت من عام 2022، حيث تعود المكاسب إلى حد كبير إلى الإفراج عن مزيد من النفط من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي الأمريكي.

وأشار التقرير إلى أنه لم تتمكن أسعار النفط الخام من تحقيق مكاسب قوية على الرغم من انخفاض الدولار، الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع أسعار النفط الخام.

ولفت التقرير إلى تأثير عاصفة الشتاء “إليوت” الكبير في إنتاج النفط والوقود في الساحل الشرقي الأمريكي، مرجحا أن آلاف الرحلات الجوية التي تم الغاؤها بالتزامن مع اندلاع العاصفة ستؤدي إلى زيادة مخزونات نواتج التقطير.

من جانب آخر، سلط تقرير “أويل برايس” النفطي الدولي، الضوء على تأكيدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن روسيا أصبحت واحدة من الموردين الرئيسين للنفط والغاز للصين، حيث تم شحن 13.8 مليار متر مكعب من الغاز إلى الصين في أول 11 شهرا من عام 2022.

وأشار التقرير إلى فوز روسيا بحصص أكبر في السوق الصينية بفضل توافر إمدادات النفط الخام من جبال الأورال الروسية بتخفيضات سعرية هائلة.

وأضاف التقرير أن “الصين والهند أصبحتا من بين أكبر مشتري النفط والغاز الروسي نتيجة لأن النفط الخام الروسي من جبال الأورال يتم تداوله بخصم هائل يزيد على 30 دولارا للبرميل الواحد أو نحو 40 في المائة أقل من المستوى الدولي”.

وعد التقرير أن موسكو يمكن أن تخسر نحو أربعة مليارات دولار شهريا من عائدات الطاقة – بحسب بيانات لهيئات دولية، وأوضح التقرير أنه لطالما كان تداول السلع في أسبوع الأعياد بين عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة خفيفا للغاية، لكن سواء كان ذلك لأسواق النفط أو المعادن بشكل عام، نجد أن الصين تواصل تحديد نغمة المعنويات العامة للسوق النفطية.

وأضاف التقرير أن حالات الإصابة بفيروس كورونا المرتفعة “المفترضة، لكن غير المبلغ عنها” أثرت بشكل كبير في الأسعار، وكذلك الانتعاش التدريجي للولايات المتحدة من أزمة الطقس الجليدي القطبي في الأسبوع الماضي الذي عزز الأسعار بشكل هامشي، لكن وضع السوق إجمالا أدى إلى انخفاض خام غرب تكساس الوسيط إلى أقل من 80 دولارا للبرميل مرة أخرى.

ونوه التقرير بتأثير قيام روسيا بحظر صادرات النفط لتحالف الدول التي طبقت سقف الأسعار على مبيعات النفط الروسي، مشيرا إلى قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحظر توريد النفط والمنتجات النفطية للدول التي تلتزم بسقف أسعار النفط مع تطبيق الإجراء على جميع مراحل التوريد حتى المشتري النهائي، على أن يدخل القرار حيز التنفيذ في أول فبراير المقبل.

وأبرز التقرير سعي مصافي التكرير الأمريكية إلى التعافي وعودة التشغيل بسرعة، حيث تسعى مصافي التكرير في ساحل الخليج الأمريكي إلى استئناف العمل في عشرات المنشآت التي أوقفت عملياتها بسبب أزمة الجليد الأخيرة بإجمالي 3.6 مليون برميل يوميا من الطاقة القابلة للتشغيل.

من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، سجلت أسعار النفط مكاسب كبيرة في آخر جلسة تداول لها في عام 2022، كما سجلت المكاسب السنوية الثانية على التوالي.

وعند التسوية، ارتفع خام برنت بنحو 3 في المائة مسجلا 85.91 دولار للبرميل، مسجلا مكاسب سنوية 10 في المائة بعد الارتفاع 50 في المائة خلال 2021.

كما صعد الخام الأمريكي 2.4 في المائة إلى 80.26 دولار للبرميل، مسجلا مكاسب سنوية 7 في المائة بعد الزيادة بنحو 55 في المائة في 2021.

وشهدت أسعار النفط تقلبات حادة في عام 2022 إذ صعدت بدعم من تراجع الإمدادات تزامنا مع الحرب الروسية – الأوكرانية.

لكن الأسعار تخلت بعد ذلك عن معظم المكاسب المسجلة في بداية الحرب وسط ضعف الطلب من جانب الصين -أكبر مستهلك للخام في العالم- ومخاوف حدوث ركود اقتصادي.

من جانب آخر، لم يطرأ أي تغيير على العدد الإجمالي لمنصات الحفر النشطة في الولايات المتحدة هذا الأسبوع، حيث ظل إجمالي عدد الحفارات عند 779 هذا الأسبوع، 193 منصة أعلى من عدد الحفارات هذه المرة في عام 2021 و296 منصة أقل من عدد الحفارات في بداية عام 2019 قبل انتشار الوباء.

وأشار التقرير الأسبوعي لشركة “بيكر هيوز” الأمريكية إلى انخفاض الحفارات النفطية في الولايات المتحدة بواقع حفار هذا الأسبوع إلى 621، حيث ارتفعت منصات الغاز بواقع 1 إلى 156 بينما بقيت الحفارات المتنوعة على حالها عند اثنين.

ولفت التقرير إلى ارتفاع عدد الحفارات في حوض بيرميان بمقدار واحد هذا الأسبوع إلى 353، بينما بقيت الحفارات في “إيجل فورد” على حالها.

ونوه التقرير بتراجع إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة إلى مستوى 12 مليون برميل يوميا في الأسبوع المنتهي في 23 ديسمبر، وفقا لآخر تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأسبوعية، بينما زادت مستويات الإنتاج في الولايات المتحدة 300 ألف برميل يوميا في 2022 و200 ألف برميل فقط مقارنة بالعام السابق.

زر الذهاب إلى الأعلى