أبرز الموادمنطقة المدينة المنورة

إمام المسجد النبوي: لا تأخذكم الدنيا بزينتها وفتنتها

المناطق_المدينة المنورة

قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالمحسن بن محمد القاسم -في خطبة الجمعة-: الدنيا كلها من أولها إلى آخرها قصيرة بالنسبة إلى الآخرة، ومهما عمر فيها العبد فله أجل لابد أن يبلغه، مرحلة من مراحل حياته إذا انقضت لم ترجع، والزيادة في العمر حقيقتها نقص منه وقرب من الأجل، وأكثر الخلق في غفلة عن الحكمة التي لها خلقوا، فتأخذهم الدنيا بزينتها وفتنتها، قال عز وجل: “ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر”، وقد أقسم الله في كتابه بالزمان وأجزائه ومراحله تذكرة للعباد بكثرة تقلب الحياة وسرعة زوالها، فأقسم بالليل والنهار والشمس والقمر والضحى والفجر والعصر، وأخبر سبحانه بأنه لا يعتبر بتقلب الدهر إلا أولوا الأبصار، قال جل شأنه: “يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار، وكل عام ينقضي من عمر العبد بل كل يوم من أيامه فيه بأن بان لكل بداية نهاية.

وأضاف: وفي طلوع فجر العام الجديد يذكر النفس بأن الفرصة لا تزال قائمة والعاقل يحصي على نفسه نتيجة عمله وثمرة عمره، كما يحصي أرباح تجارته وخسارته، فالعمر رأس مال كل مخلوق، وعدته الصحة وسلامة القوى، قال عليه الصلاة والسلام: “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ”، والربح في الدنيا بحسن العمل ودوام الاستعداد لانقضاء الأجل، وابن ادم يؤمل البقاء ويزيد حرصه على الدنيا وما فيها من الأموال والمتاع، ويشغله ما هو فيه من النعم عن تذكر دنو النهاية، قال عليه الصلاة والسلام: يهرم ابن ادم وتشب منه اثنتان: الحر ص على المال والحرص على العمر”.

وقال: حري بمن عرف حقيقة الدنيا وسرعة انقضائها أن يتخير الأنفع له في كل أمر والأكمل من كل شأن، فلا يبذل وقته إلا فيما هو أكمل فائدة، فيتخير من الفضائل أعلاها، ومن لم يكن ملازما للطاعات فليكن مفارقا للسيئات، على أن من لم يزدد بالإحسان فحاله إلى نقصان، ومن لم يتقدم بالخيرات تأخر بالسيئات، قال سبحانه: “لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر”.

وأضاف: جعل الله الحياة الدنيا دارا لابتلاء العباد واختبارهم يقطعون مراحلها سائرين إلى دار البقاء، فهي مزرعة العاملين وسوق العابدين، “الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا”، فمن أحسن العمل فاز واستحق الثواب، ومن أساء خسر واستحق العقاب، والحكمة من خلق الجن والانس أن يعبدوه وحده دون سواه، وقد أعانهم على هذه الغاية بما نصب لهم من الشواهد في أنفسهم وفيما حولهم، وبما أرسل إليهم من الرسل وأنزل عليهم من الكتب، فقامت عليهم الحجة، وضرب لكل عبد أجلا وكتب له عمرا، وعمر العبد في الدنيا هو زمن عمله وكدحه إلى ربه قبل أن يلاقيه، قال جل شأنه: “يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه”.

زر الذهاب إلى الأعلى