دولي

إيطاليا والذهب الأسود الليبي

المناطق_متابعات

الموقع الإستراتيجي الذي تتمتع به الدولة الليبية في شمال أفريقيا وعلى ضفاف البحر الأبيض وإستحواذها على نحو 2.8 في المئة من إجمالي الإحتياط العالمي للنفط يؤهلها لتكون صاحبة أكبر إحتياط نفطي في القارة الأفريقية، إضافة لثروتها من الغاز الطبيعي التي تصل إحتياطاتها منه إلى 1.4 تريليون متر مكعب تتربع به في المرتبة الخامسة بين الدول الافريقية.

إلا أن كل هذه الثروات جعلت ليبيا محط أنظار دول الغرب المُتعطش للذهب الأسود، ولعل إيطاليا أحد اكثر الدول إهتماماً بالنفط الليبي ومساعيها المستمرة للإستحواذ والسيطرة على حقول النفط بتوقيعها إتفاقيات مشبوهة في مجال الطاقة مع حكومة الوحدة الوطنية منتهية الشرعية في طرابلس.

في يناير الماضي، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة والمؤسسة الوطنية للنفط برئاسة فرحات بن قدارة، إستعدادهم لتوقيع إتفاقية مع ثلاثة شركات أجنبية على رأسهم شركة إيني الإيطالية، للإستثمار وتطوير حقل حمادة الحمراء النفطي الواقع جنوب العاصمة طرابلس والذي ينتج نحو 8 آلاف برميل يومياً.

هذا القرار اثار غضباً واسعاً في الداخل الليبي، حيث أعرب المجلس الأعلى للدولة رفضه لهذا القرار الذي يُعتبر بمثابة تفريط مباشر في المقدرات العامة ومثالاً صارخاً على مخالفات التشريعات الوطنية. وبنفس النبرة، أعرب مجلس النواب الليبي عن رفضه لهذه الإتفاقية التي تخول عدد من الشركات الأجنبية التصرف في 40% من إنتاج الحقل وهو تفريط في موارد البلاد.

الحديث عن هذه الصفقة التي وصفها الجميع بصفقة التفريط في الذهب الأسود الليبي عاد من جديد بعد زيارة الدبيبة لدولة الإمارات العربية المتحدة لحضور القمة العالمية للحكومات من يوم 12 حتى 14 فبراير الجاري. وبحسب التسريبات من داخل الوفد المرافق للدبيبة، فقد إنعقد إجتماع على هامش ندوات القمة جمع بين عبد الحميد الدبيبة و كلاوديو ديسالزي، الرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية.

وفقاً لما جاء على لسان أحد أعضاء الوفد، فقد عرض ديسالزي على الدبيبة 125 مليون دولار مقابل ضمان إتمام الإتفاقية وحصول شركة ايني على جميع حقوق تطوير وإستخراج المنفط من حقل حمادة الحمراء النفطي. والجدير بالذكر هنا أن هذه ليست المرة الأولى التي تسعى فيها شركة إيني الإستحواذ على حقول النفط الليبي.

ففي يناير 2023 وقعت شركة إيني إتفاقاً مع حكومة الدبيبة والمؤسسة الوطنية للنفط لتطوير حقلي غاز في البحر المتوسط، وكما هو الحال مع إتفاقية حقل حمادة الحمراء تسببت الإتفاقية بجدلٍ واسع في ليبيا كونها مخالفة للقانون رقم 25 لسنة 1955 وقانون تأسيس المؤسسة رقم 24 لسنة 1970، والقرار 10 لسنة 1970، وهي قوانين تفرض الحصول على موافقة مسبقة من وزارة النفط لرفع حصة الشريك الأجنبي.

الخبراء في الشأن الليبي يرون أن إيطاليا غير قادرة على تصديق حقيقة أن ليبيا نالت إستقلالها من الإستعمار الإيطالي في 24 ديسمبر 1951، ومنذ أن قصف حلف الناتو ليبيا في 2011 وأسقط حكم الرئيس الراحل معمر القذافي، تسعى إيطاليا لبسط نفوذها من جديد بإستيلاءها على مقدرات الشعب الليبي ووجدو في رئيس حكومة الوحدة، عبد الحميد الدبيبة، الشخصية الأمثل لتنفيذ مخططهم.

زر الذهاب إلى الأعلى