أبرز الموادأهم الاخبارلقاء

الدكتور عائض القرني في حوار خاص لـ”صحيفة المناطق”..السعودية تعيش مرحلة التجديد والتحديث مع رؤية سمو ولي العهد

الأدب أفضل إناء يقدم فيه الدعوة وعلى الدعاة تأليف القلوب والوسطية والاعتدال

حوار- محمد حسن الشيخ

  • السعودية العظمى تعيش مرحلة التجديد والتحديث مع رؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان
  • الأدب أفضل إناء يقدم فيه الدعوة وعلى الدعاة تأليف القلوب والوسطية والاعتدال
  • من ينزل الميدان يخطئ ويصيب وحياتي مليئة بالأحداث المثيرة انتهت بي لمرحلة النضج

تميز عن غيره من الدعاة بفصاحة البيان، ونظم أفضل الكلام، عاصر العديد من الأحداث ما قبل الصحوة وما بعدها ومر بتجارب ثرية في حياته استثمرها في سبيل دعوته ورسالته والتزامه بدينه،  كتب فأحسن الكتابة، وقدم للعالم نصيحة خالدة في كتاب كامل

عنوانه “لا تحزن”، اشتهر بالتأليف والتأثير وأصبح من مشاهير الدعاة عبر السوشيال ميديا، حارب من أجل الوسطية والاعتدال وتقديم الدعوة في صورة عصرية بأصول محمدية، وأكرمه الله بالقبول والمحبة. ضيفنا في حوار خاص فضيلة الدكتور عائض القرني أهلا ومرحبا بكم في صحيفة المناطق إلى الحوار:-

مر الدكتور عائض بتجربة فريدة “جمع فيها بين طلب العلم والدعوة والأدب والشعر” حدثنا عن ذلك.

بداية أهلا بالأخوة القائمين على صحيفة المناطق الرائدة والمؤثرة كما أرحب بجميع قراء الصحيفة الأعزاء، ويسعدني أن أكون معكم على بساط المودة وعلى أرائك المعرفة وأشكركم على حسن ظنكم بأخيكم.

أما عن التجربة الدعوية والأدبية فأنا كغيري ممن سلك هذا الطريق لي جهود بشرية، إن كان فيها إصابة فمن الله وحده له الحمد والمنة، وإن كان فيها تقصير فمني ومن الشيطان، وقد انتهيت إلى قناعات سجلتها في كُتب لي مثل السيدة ستون، وخارطة الطريق، وعفو الخاطر وغيرها، من تلك القناعات أن على الداعية أن يكسب القلوب ويدلهم على منهج الكتاب والسنة، وأن يجبر الخواطر، وأن يختار من الوسائل أحسنها وأفضلها، وأقربها إلى القلوب.

ومن القناعات أيضا أن الأدب أفضل إناء يقدم فيه الدعوة لآن القرآن الكريم نزل بمعجزة البيان على نبينا محمد صل الله عليه وسلم.

كما يجب على الداعية أن لا يفتح جبهات مع الخصوم ويكثر أعداء الإسلام بحجة الدفاع عنه والغيرة علي دين الله، بل ما يجب عليه تهدئة الساحة، وتسكين النافر، ويرغب في دين الله ويحبب الناس فيما يدعو إليه، ويثني على الجوانب المشرقة، ويذكر المحاسن، ويستر المعايب ما استطاع إلى ذلك سبيلا، ويتجنب سوء الظن والشتم والوقيعة وانتقاص الأخرين والتعالي عليهم بالعلم الذي عنده حتى يكرمه الله عز وجل.

عاصر الدكتور عائض الكثير من الأحداث الدعوية كما عايش تنوع طرق الدعوة إلى الله. كيف تقيم التجربة الدعوية الآن؟

باعتباري ممن عاش مرحلتين وتجربتين، مرحلة الصحوة وما بعدها وما قبلها، فقد نضجت الفكرة والحمد لله واستبان الطريق بتقدم السن وكثرة المطالعة، وتراكم التجارب، فهناك أمور ثابتة وأمور متغيرة، أما الثابت فهو أصول الملة وأسس الشريعة المحمدية الخالدة فهي لا تتغير كـ “أركان الإسلام، وأركان الإيمان، والإحسان، والدعوة إلى الأخلاق الفاضلة والآداب الكريمة وقيم العدل والإنسانية والتسامح والخلق النبوي، كالرحمة والتواضع والجود والحلم والكرم ونحو ذلك”.

أما المتغيرة فهي الأساليب والوسائل التي تقدم بها الدعوة فصار مكان الكلمة الغليظة الكلمة اللينة، ومكان الخطاب الجاف الجارف  خطاب الرحمة والإحسان ومكان التشنج والصراخ الهدوء والسكينة، عملا بقول الله تعالى:

“ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ”.

ولعلكم تلاحظون الفرق في حياتي كداعية في شبابي كانت حدوده المحافظات المجاورة ومنطقتي التي تعودت التنقل بينها وبين رجل تجاوز الستين زار ما يقارب “200 مدينة” في العالم، وجالس أهل المذاهب والأفكار الأخرى والملل المخالفة، فمن المذاهب التي تعرفت عليها عن قرب ” المذهب الشيعي، والإباظي، والإسماعيلي والصوفي، مع الجلوس مع أهل الطرح العلماني واللبيرالي، وقراءة ما دعا إليه القوميون، وأتباع الملل الأخرى كاليهود والنصارى بل ما هو أبعد من ذلك كـ “المانوية في اليابان وما جاورها واتباع كانفوشيس في الصين” وغيرهم.

فكيف يكون الفارق إذن؟ مع مطالعة آلاف الرسائل والأبحاث في كل باب لأنه قد مر بي فترة راحة واستجمام منذ وقفة التأمل إلى الآن أكثر من ٢٥ سنة.

تعيش المملكة حالة وتجربة مختلفة في الوقت الراهن، تكاد تكون الأكثر انفتاحا على العالم.. كيف يقيم الدكتور عائض هذه الحالة؟

بالفعل وسوف اختص صحيفة المناطق بهذا الكلام للمرة الأولى على حسب ظني أني لم أقل هذا من قبل في أي وسيلة إعلامية، إن السعودية العظمى الآن تعيش مرحلة التجديد والتحديث مع رؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، تجديد في الأنظمة على أُسس وأصول الإسلام، وتحديث الحياة بما يتناسب مع الأصالة والمعاصرة، فقد عشنا في هذه الأيام مرحلة لم يسبق لها من قبل من “الحزم والعزم والنزاهة والمبادرة والمثابرة والتعمير والتأثير ومواكبة آخر ما وصلت إليه الأمم، نزول الشباب إلى ميدان العمل والحياة، إعطاء المرأة حقها الشرعي كاملا موفرًا، محاسبة المقصر، ردع المخطئ، إدانة الفاسد، إقامة نظام العدل، بعث رسالة التعايش السلمي، التواصل الحضاري، الحوار المعرفي، فهذا شيء لم يسبق لنا  أن عشناه في مراحل أعمارنا، فنقول لقيادتنا شكرا جزيلا من صعود إلى صعود، ومن سعود إلى سعود، وفوق هام السحب وفقكم الله وزادكم الله ريادة ومجدًا ونجاحًا وفلاحًا.

للدكتور عائض أحداث ومحطات مثيرة في حياته..كيف كانت الرحلة؟

هذا الجواب يحتاج إلى وقفات وحلقات وأوقات كبيرة جدا، لا يسعنا الحديث عنها في لقاء واحد لعل الله أن يكتب لنا سلسلة أخرى نتحدث فيها عن تلك المحطات باستفاضة، ولكن في اختصار شديد، أنني أعيش مرحلة فيما أظن تسمى “مرحلة النضوج” وقد قال لي بعض الدكاترة إن الحياة التي مررت بها ليست حياة عادية ولا تقليدية بل هي حياة صاخبة معطاءة منتجة مليئة بالأحداث المثيرة والمنتجة.

لذلك أقول أن الجواب ما تراه دون ما تسمع  لأن من ينزل الميدان يخطئ ويصيب ويجتهد ومع الأيام يصل.

يظل كتاب “لا تحزن” علامة مضيئة في تاريخ الكتب المطبوعة والأكثر مبيعا.. وكذلك كتاب “ملهم العالم” والذي ختمته بعد حادث الفلبين.. حدثنا عن الكتابين والأجواء المحيطة بهم.

الحمد لله وحده وله الفضل والمنة على تأليف كتاب لا تحزن وربي وحده يعلم الظروف المحيطة بهذا الكتاب، وأظن أنها سبب انتشاره لأنه خرج من الروح، خرج من المعاناة، خرج من الألم والحزن، ولقد كتبته حرفًا حرفًا، وكلمة كلمة، وأنا أعيش بأنفاسي وروحي وشجوني وأشواقي مع هذا الكتاب، وما كان في ذهني حقوق الطبع للمؤلف ولا المال لأن في تلك المرحلة كنت ممنوع من الطباعة والنشر فجاء هذا الكتاب وهو فاصل في حياتي حتى أني كنت أغبطه، لأنه أشتهر أكثر من اسمي، لما كنت أسافر دول شمال إفريقيا وشرق آسيا كانوا يقولون في التعريف هو صاحب كتاب لا تحزن فهم لا يعرفون شيء عن حياتي  فقط “لا تحزن”

ولله المنة تُرجم الكتاب لما يقارب من ٤٠ لغة والقائمة موجودة وذلك محض فضلا من الله ونعمة.

أما كتاب ملهم العالم فهو تاج حياتي وخلاصة قراءة ومطالعة ودراسة خمسون عاما وبفضل الله هو في طبعته الخامسة الآن في بضعة أشهر فقط بعد طباعته للمرة الأولى، ثم إن الكتاب في أحب إنسان خلقه الله، وأكرم بشرًا، أوجده الله، وأعظم نبي أرسله الله صلوات ربي وسلامه عليه بأبي هو وأمي صلوا عليه وسلموا تسليما.

وكنت بعد حادثة الفلبين ادعوا الله أن يشفيني حتى أكمل مشروعي ولما أصبت بداء الكورونا وحجزت في العناية المركزة كنت أسأل الله بصوت خافت وروحي منهكة ولساني جاف أن ينجيني حتى أكمل “ملهم العالم” واستجاب الله لي فله الحمد حتى يرضى.

 برأيك إلى أي مدى أثرت وسائل التواصل على المجتمعات؟

وسائل التواصل الاجتماعي نعمة إذا أحسنا استخدامها واستثمارها بالشكل الصحيح فهي أعظم وسيلة الآن في إيصال الدعوة الوسطية الصحيحة المعتدلة والكلمة النافعة المفيدة والفكرة الراشدة، ولكن وللأسف هي أيضا متاحة بين يدي الجميع منهم من لا يحمل علما ولا معرفة ومع ذلك يتحدث في أمور كثيرة حتى تشوهت العقول وأصبحت الشهرة فقط عند الكثير سبب أساسي في  التصدر والحديث دون التأكد من صحة ما يقول هؤلاء.

 ما هي نصيحة الدكتور عائض لمشاهير السوشيال ميديا ورواد وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة؟

يجب على من يدخل وسائل التواصل الاجتماعي أن لا يستخف بعقول متابعيه، ولا يزري بنفسه، ولا يقدم لنا الغث من الصورة والحديث، أو الرسائل المشينة، وأن يرتفع عن الإسفاف والابتزاز والطيش والهبال الخبال، وأن يعلم أن كل ما يقوله ويكتبه إما في ديوان الحسنات أو ديون السيئات، وليذكر نفسه دائما بالآية الكريمة ” إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا” .

آمل أن نقدم للجيل ما ينفع ونبتعد عن أسباب الفرقة والاختلاف والتقاطع والتدابر والشتيمة والسباب، ونأتي لميادين الأمل والعمل والتصالح والتسامح والتصافح والارتقاء.

ووصيتي أن نكون إيجابين متفائلين فيما نطرحه عن الجوانب المشرقة وليست المظلمة، وعن السلام ليس الحرب، وعن الحب ليس البغض، وعن التآلف ليس التخالف، وعن الأمن ليس الخوف وعن الوسطية والاعتدال وليس التفريط أو الغلو والجفاء وعلى ذلك فقس في سائر ما يطرح في الساحة.

في الختام أشكركم وأشكر أخي الرائع الحبيب محمد حسن الشيخ مدير تحرير صحيفة المناطق زاده الله نجاحًا وفلاحًا وأسعده الله سعادة لا يشقى بعدها أبدا.

 

زر الذهاب إلى الأعلى