يكتبون

الديوانيات الإجتماعية.. مقصد العلماء والشعراء والأدباء

الديوانيات الإجتماعية والصوالين الثقافية لها أهميتها التاريخية، فهي ملتقى رحب، يجتمع فيها أفراد المجتمع لتبادل المعرفة ونشر الخير، وتطرح فيها الرؤى المستنيرة، فكان لها في التاريخ مكانة سامية، فهي مقصد للعلماء والشعراء والأدباء، وتعد المكان المفضل لإبراز انتاجهم الفكري ونشر قصائدهم، فيدون فيها ما يستجد وخاصة الشعر وكذلك القصص والحكايات التي تروي ما يحدث في مدن ومحافظات المملكة.

وقد كان لبلدة منفوحة التاريخية جنوب مدينة الرياض والتي لها الوجود الثقافي البارز من خلال شعرائها الضاربين في أديم البلاغة والفصاحة أروع القصائد، وأجمل الأبيات المحفوفة بجميل المعاني، وجليل المباني، ومن أشهرهم شعرًآ صناجة العرب الشاعر مأمون ابن قيس (الأعشى) لقب بالأعشى لأنه كان ضعيف البصر، ومن قصائده الشهيرة الذي يقول فيها:
شاقَتكَ مِن قَتلَةَ أَطلالُها
بِالشِطِّ فَالوِترِ إِلى حاجِرِ
فَرُكنِ مِهراسٍ إِلى مارِدِ
فَقاعِ مَنفوحَةَ ذي الحائِرِ
دارٌ لَها غَيَّرَ آياتِها
كُلُّ مُلِثٍّ صَوبُهُ زاخِرِ
وَقَد أَراها وَسطَ أَترابِها
في الحَيِّ ذي البَهجَةِ وَالسامِرِ
كَدُميَةٍ صُوِّرَ مِحرابُها
بِمُذهَبٍ في مَرمَرٍ مائِرِ .

وقد استمرت الدولة في تطوير هذه المجالس، والمنتديات العلمية، لتتحول إلى صوالين ثقافية وديوانيات صار لها دور في إذكاء الثقافة العلمية، وإبراز العلم واللحمة الوطنية والفكر المستنير، حتى غدت مقصدا لجميع شرائح المجتمع ورواد المعرفة، وأثرت في حركة النمو الثقافي وواكبة تطور وطننا الغالي المتسارع وكذلك التطور العلمي والتقني الذي أسهم في جعلها رافداً ثقافياً يدعم الحركة الثقافية والإعلامية وإبراز رواد الفكر وكذلك إبراز منجزات وطننا الغالي والإلتفاف حول ولاة الأمر ونشر ثقافة التكاتف والتكافل المجتمعي بين أطياف المجتمع في بيئة وطنية ناصعة، لتكون منتدى خير لما تحويه من علم غزير ورأي أصيل.

ومن هذه المنتديات والدواوين البارزة في مدينة الرياض في منفوحة ديوانية آل حسيـن التاريخية، فهي ديوانية عريقة متجددة منذو 1325هـ بجهود واهتمام الأجداد رحمهم الله والذين اهتموا بها وبضيوفها الكرام لتصبح مكاناً وطنياً خصــبا في إذكاء روح العطاء بماتقدمه لخدمة العمل المجتمعي والتطوعي، بالشراكات مع الكثير من جمعيات القطاع الثالث لتقديم الخدمة لعدد من الفئات من ذوي الإعاقة والمسنين والمتقاعدين، حيث تم جعل القاعات والمزرعة التابعة للديوانية وقفاً لتقيم فيها الجمعيات مناسباتهم مجاناً لوجه الله ولكل أطياف المجتمع.

ومع تنوع المنتديات العلمية والدواوين التاريخية والمجالس الثقافية في بلادنا، إلا أن لديوانيـــة آل حســـــين التاريخية لها بصمة مميزة بفضل الله، ثم لعدة عوامل منها الاهتمام الكبير بالمسؤولية الإجتماعية وكذلك موقعها التاريخي ووجود عدد من المساجد التاريخية، وقربها من الأبراج القديمة لتصبح واحة علمية متنوعة لجميع الفنون، وسائر دروب المعرفة.

بقلم / عبدالعزيز بن سليمان الحسين

زر الذهاب إلى الأعلى