محليات

السعودية: لم نستخدم النفط كـ”سلاح سياسي”

أكد محافظ المملكة لدى الدول المصدرة للبترول “أوبك ” الدكتور محمد الماضي، عدم استخدام السعودية النفط كسلاح سياسي، كاشفا أن قطاع النفط يشكل وضعاً دقيقاً للدول لما يشكله من دخولهم.

وارجع سبب الزيادة في الطلب على البترول إلى زيادة عدد السكان، موضحاً أن هناك 3 مليار نسمة سوف تزيد دخولهم خلال العقدين القادمين وهذا يتطلب زيادة في الطاقة.

جاء ذلك خلال ورقة العمل الأولى التي عقدت بعنوان “السوق البترولية والمنظمات الولية والإقليمية المتخصصة في البترول والطاقة”، خلال ملتقى الإعلام البترولي الثاني لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي عقد تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تحت عنوان “الإعلام البترولي الخليجي.. قضايا وتحديات”.

وقال محافظ المملكة لدى الدول المصدرة للبترول أوبك، “للأسف أن فعالية منظمة أوبك متغيرة بحسب الظروف منها تناغم الحصص والسياسات، وذلك لوجود دول منتجة كبيرة ودول منتجة صغيرة “, مشيراً إلى أن المنظمة تفتقد إلى نظام المراقبة حيث في حاله عدم قيام العضو بتنفيذ السياسات لا يمكن إجبارة بسبب سيادة كل دولة.

ونوه الدكتور الماضي إلى أن القطاع المالي بدأ في الدخول في جميع مفاصل القطاع النفطي، وهو ما يفرض نجاح المشروع أو فشله, مؤكداً أن التقديرات تشير الى ان النمو على البترول سينمو سنوياً بحدود 1.1 مليون برميل يومياً خلال الـــ 15 سنة القادمة.

وافتتح مستشار وزير البترول والثروة المعدنية الدكتور إبراهيم المهنا الورشة، بكلمة قال فيها إن عدد سكان الكرة الأرضية سيزيد من 7 مليار نسمة إلى 9 مليار، وسوف يزيد بذلك الطلب على الطاقة بنسبة الثلث على المستوى العالمي, مشيراً إلى أنه من اجل توفير هذا الطلب على الطاقة لابد من استثمار رؤوس الأموال، ومن المتوقع أن تزيد الاستثمارات في العقدين بـ40 تريليون دولار، ما يتطلب توفير تقنية عالية الجودة لذلك.

بدوره، أكد المستشار الاقتصادي لوزير البترول والثروة المعدنية الدكتور ناصر الدوسري، أن الاقتصاد العالمي نما من مستوى 49 الى 74 تريليون دولار امريكي خلال 15 عام، فيما زاد عدد الحاصلين على احد انواع الطاقة الحديثة من 3 الى 5 مليارات، ولا يزال هناك 2 مليار شخص لا يحصلون على أي نوع من الطاقة الحديثة.

وبناءً على ذلك ، فقد زاد الطلب العالمي على البترول خلال الـــ 15 سنة الماضية من 75 الى 93 مليون برميل يومياً، معظمه يأتي من الدول النامية وعلى رأسها الصين والهند ودول الشرق الاوسط.

وأضاف خلال ورقة العمل الثانية تحت عنوان ” المتغيرات والتحديات في الصناعة البترولية الدولية”، أنه في ظل هذا التوسع الاقتصادي والنمو السكاني، فان العالم يُتوقع ان يستمر بطلب المزيد من الطاقة.

وتشير التقديرات الى أن النمو على البترول سينمو سنوياً بحدود 1.1 مليون برميل يومياً خلال الـــ 15 سنة القادمة، وهذا بدوره سيؤدي الى وصول الطلب العالمي على البترول لنحو 110 مليون برميل يومياً، أو حوالي 40 مليار برميل كل عام.وبصورة أخرى.

وبين أن العالم في ذلك الوقت، سيستهلك سنوياً ما يعادل كامل الاحتياطي البترولي لدول مثل نيجيريا، وذلك يعني بأن العالم سيحتاج المزيد والمزيد من الطاقة، لافتاً إلى الصناعة البترولية اثبتت في السابق انها قادرة على تلبية هذا الطلب المتزايد من خلال الاستكشاف الجديد والبحث والتطوير والتقنية.

وبين أن العالم اليوم ينتج جزء ليس بقليل من مكامن ومناطق بترولية كان في السابق من الصعب الانتاج منها كالبترول الصخري في الولايات المتحدة الامريكية والحقول البحرية العميقة في البرازيل والرمال البترولية في كندا.

وأوضح أن السنوات الاخيرة ساهمت في ظل بقاء اسعار البترول مرتفعة نسبياً على دعم زيادة المعروض العالمي من البترول الى مستويات عالية، حيث أدت إلى تشجيع الاستثمارات البترولية في مكامن لم تكن ذات جدوى اقتصادية .

وعلى سبيل المثال ، حين كان الطلب العالمي على البترول خلال الخمس سنوات الماضية ينمو بحوالي مليون برميل ، كانت الزيادة من البترول الصخري فقط ، في ظل وجود الاسعار فوق حاجز 100 دولار للبرميل ، تلبي كامل هذا النمو في الطلب .

وأضاف، أنه نتيجة لهذا لم يتجاوز الطلب على بترول دول الاوبك بما فيها المملكة مستوى 30 مليون برميل ، كما أدت زيادة هذا المعروض من البترول الى تنامي مستوى المخزونات التجارية العالمية لتتجاوز حاجز متوسط الخمس سنوات .

وهذا يعني بموازين العرض والطلب السوقية ، أن التوازن غير موجود ، فإما ان يزيد الطلب ليمتص الفائض في المعروض ، أو أن يقل حجم المعروض البترولي ليتناسب مع مستوى نمو الطلب ، وهذا يحدث غالباً من خلال تصحيح سعري كما شهدنا مؤخراً .

وتابع، في حال انخفاض الاسعار ، يتنامى الطلب العالمي على البترول حين تقل تكلفة الطاقة على المستهلكين ، وفي نفس الوقت ، تترشد الاستثمارات المتدفقة على القطاع البترولي مما يؤدي إلى تقليص حجم المعروض المستقبلي من البترول ، ولكن هذا التعديل ،وبناءً عليه التوازن السوقي، عادةً يأخذ بعض الوقت .واشار أن العوامل الغير اساسية المؤثرة على الاسواق البترولية ، وهنا اعني العوامل الجيوسياسية والمضاربة البترولية .

وبالنظر الى السنوات الاخيرة ، يلاحظ ان العوامل الجيوسياسية كان لها تأثير كبير على مستويات الاسعار ، فأحداث الربيع العربي والحظر الاقتصادي على بعض الدول المنتجة ادى بدوره الى دعم ارتفاع الاسعار رغم وفرة الامدادات البترولية .

كما ان المضاربة من قبل المستثمرين على نزول أوارتفاع الاسعار ، هو بدوره كان ذو تأثير لا يمكن تجاهله . فعلى سبيل المثال خلال عام 2008م ارتفعت اسعار البترول الى مستويات قياسية وصولاً الى 147 دولار للبرميل متأثرة, بعمليات الشراء القوية من هؤلاء المستثمرين المضاربين ، مدعوماً بمخاوف نقص الامدادات المستقبلية من جراء تنامي نظرية النضوب البترولي .

وتشير هذه النظرية إلى ان الاحتياطي البترولي العالمي ومن جراء تعاظم مستويات الانتاج وتنامي الطلب سيصل إلى ذروته قريباً ، وسيواجه العالم كارثة في الامدادات البترولية .

وبين أن المفارقة واضحة هنا ، ان نفس هؤلاء المستثمرين ، وبعدها بسنوات قليلة وتحديداً العام الماضي ، تحولت نظرتهم ونظريتهم عن نضوب الموارد البترولية الى نظرة اكثر تفاؤلية تشير الى وفرة الامدادات المستقبلية وان المعروض البترولي سيفوق الطلب العالمي ، والذي بدوره صنع عامل ضغط قوي على اسعار البترول خلال عام 2014م.

وأشار أن  المملكة تعتبر اهم دولة منتجة للبترول منذ عام 1970م ، ومن المتوقع ان تستمر اهميتها الى عقود قادمة ، حيث تمتلك المملكة اكبر احتياطي بترولي في العالم والذي يمثل 22% من الاحتياطي العالمي، كما أن المملكة هي واحدة من اكبر الدول المنتجة للبترول بالإضافة الى روسيا والولايات المتحدة الامريكية ، وفي دول منظمة الاوبك تنتج المملكة حوالي 30% من مجموع انتاج المنظمة و 50% من انتاج دول الخليج العربي.

لكن اهمية المملكة للأسواق البترولية لا تكمن في حجم الانتاج فقط ، ولكن من خلال سياستها البترولية الهادفة الى المحافظة على توازن الاسواق البترولية في ظل المتغيرات التي ناقشناها في المحور الاول والثاني ، حيث عملت المملكة ومن خلال التعاون مع الدول المنتجة والمستهلكة إلى الوقوف في وجه أي انقطاع في الامدادات البترولية والحد من التقلبات السعرية الحادة . وتمكنت المملكة من الوصول لهذا الهدف من خلال الاستثمار في طاقة انتاجية فائضة ، جعلت المملكة هي الدولة الوحيدة في العالم التي تمتلك قدرة انتاجية فائضة تمكنها من توفير الامدادات في حالة الانقطاعات في الانتاج من جراء التغيرات السياسية او الكوارث الطبيعية .

وأشار إلى أن السوق البترولية بطبيعتها متغيرة وديناميكية، فأنماط الطلب على البترول تتغير بتغير استهلاك الدول، ونمو سكانها ، وارتقاء هذه الدول من مستوى اقتصادي لأخر، فعلى سبيل المثال زاد حجم الاستهلاك البترولي في الصين خلال بداية هذا العقد بصورة كبيره ، نظراً لتطور الصناعي التي شهدته البلاد .

كذلك العرض البترولي والانتاج ، هو ايضاً متغير نظراً لتطور التقنية في عمليات التنقيب والانتاج وتفاعلاً مع مستويات السعر وحجم الاستثمارات البترولية ، وخير مثال على هذا التغير، هي الثورة التكنولوجية التي مكنت الولايات المتحدة الامريكية مؤخراً من أنتاج البترول وبكميات كبيرة من مكامن صخرية لم يكن استخراجها بالأمر المتاح سابقاً، والمملكة باعتبارها من أهم المنتجين البتروليين في العالم ، تتابع وتعي هذه التغيرات والتحديات.

ومن هذا المنطلق استمرت المملكة على العمل مع الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء ، للحد من تأثير هذه المتغيرات وذلك للوصول الى سوق بترولية مستقرة ومتوازنة ، والاهم للمحافظة على استدامت الطلب على البترول عموماً وعلى بترولها خصوصاً ، غير أن هذا المجهود ، يجب ان يكون عمل مشترك يقع على عاتق الجميع وبمشاركة فعلية من جميع اطراف السوق البترولية ، وبما يخدم ويساهم في الرخاء الاقتصادي العالمي.

زر الذهاب إلى الأعلى