يكتبون

الشباب ثروة مهدرة !!

الشباب هم .. سواعد بناء الوطن وذخيرته ، وصمام الأمان وقوته ، وعُدَّة الأمم وثروتها ، ومقياس تقدمها وتأخرها ، ومعيار رقيها وانحطاطها ، ومصدر انطلاقتها وقادتها ، وبناء الحضارات ، وصناعة الآمال ، وعز الأوطان ، يملكون طاقات هائلة من الإنتاجية لا يمكن وصفها ، وأمل المنطقة للنمو والتقدم والازدهار بمختلف مجالاتها.

الشباب هم .. أعظم ثروة تملكها الدول ، وحتى نستطيع أن ندرك قدر هذه الثروة البشرية التي لا تقل أهمية عن الثروة النفطية ، وقدرات هذا الحجم الهائل من تعداد الشباب ، علينا أن نركز على منحهم الفرص والقيادة والمهارات ، فالشباب بحاجة الى فرص ليكونوا قادة في مجتمعاتهم المحلية ، وفرص للمنافسة في سوق العمل ، وفرص للتعبير عن آرائهم وأفكارهم ، فتوفير هذه الفرص لجيل الشباب حتى يتسنى لهم تحقيق تطلعاتهم ، لهو الاستثمار الحقيقي لغدً أفضل لنا جمعياً بمشيئة الله.

لكن ما يشهده الواقع اليوم من قلة اهتمام من الجهات التي تحمل على عاتقها هم الشباب والمعنية باحتضانهم ، فلا نرى أعمالاً سبقها التخطيط للاستفادة من قدرات هؤلاء الشباب، ولا رؤية مستقبلية واضحة تحدد مسار توجهات هذه الثروات المتدفقة التي تتجدد يوماً بعد يوم، وإن وجدت أنشطة وفعاليات وبرامج فهي تستهدف فئة المبدعين والموهوبين فقط، والذين يشكلون النسبة الأقل، مقارنة بالفئة الأخرى من الشباب والتي تهمّش بحجة ضعف قدراتهم أو سلوكياتهم أو عدم الاستفادة منهم، وهذا قد يتسبب في توقف وفتور النهضة بالثروة الشبابية، وهو الخطر الحقيقي على المجتمع ، فلا بد من استثمار طاقاتهم.

مسؤولية الشباب مشتركة يتحملها الجميع، بداية من الأسرة ونهاية بالجهات المعنية بالشباب، فلا نلقي اللوم على القطاعات الحكومية فقط، ولا بد من استغلال هذه المرحلة في صيانة مستقبل الشباب عن طريق تفعيل دور النوادي الثقافية والرياضية والصيفية داخل الأحياء، وإقامة أنشطة وبرامج على مدار العام توفر بعضاً من اهتمامات وتطلعات الشباب، وحشد طاقاتهم وإدماجهم في العملية التنموية التي لا يمكن أن تتحقق ويترسخ الأمن في المجتمع إلّا بجهودهم وإسهاماتهم الفاعلة، كونهم يمثلون أهم ضمانات تحقيق الاستقرار، ولا يبقون عالة وعبئاً على المجتمع، لعدم حصولهم على أي فرصة عمل، أو أي اهتمام يحفزهم ويحسسهم بالمسؤولية.

كثير من الشباب يعاني “البطالة” والتي تمثل معضلة حقيقية وهمّاً يومياً ليس للحكومة وحدها وإنما للمجتمع أيضاً، حيث أن أخطر ما تمثله هو “الفقر والعوز” وما يترتب على ذلك من تداعيات وظواهر أمنية واجتماعية سلبية وخطيرة قد تتسبب في خسائر فادحة على المستوى الوطني إذا أهُملت وتُركت تنمو وتتسع في أوساط الشباب الذين يسهل على الجماعات والتنظيمات الإرهابية استغلال أوضاعهم الحياتية البائسة واستقطابهم إلى صفوفها ، ومن ثم دفعهم للقيام بأعمال إرهابية مدمرة تضر بوطنهم وتلحق الأذى بالشعب وأسرهم.

كما أن “الفراغ” لا يقل أهمية عن “البطالة”، فهو قاتل الإبداع ومبيد الطموح، كيف لا يكون ذلك ونحن نشاهد ضعف واقع بعض شبابنا اليوم، وانشغالهم بالتسكع في الطرقات، أو إيذاء الآخرين، أو تفاعل في نقل الاشاعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، أو … أو … الخ.

حري بنا جميعاً جهات حكومية ومؤسسات وأفراد أن نفكر في القضاء على الفراغ في حياة الشباب بمشاريع تحفظ أوقاتهم وتبرز طاقاتهم وإبداعاتهم ليكونوا أدوات فاعلة ومفيدة في الإسهام بدفع عجلة التقدم والبناء لوطننا المعطاء، فمن المحزن ما نراه من إنفاق أموال طائلة على مشاريع يظهر لنا منها الاسم فقط ويذهب من داخلها الهدف والمضمون، فما ننتمناه هو الاهتمام بهذه الثروة المهدرة، وتهيئة الفكر، لجمع الشتات الفكري والتربوي والتنموي لدى هؤلاء الشباب، فالدولة لم تقصر من خلال إيجاد البنى التحتية وتخصيص الميزانيات، لكن ما ينقصنا هو الفكر المتجدد لصناعة جيل مشرق من الشباب.

كما أن على الشباب مسؤولية يجب أن يدركوها، وأن يسخروا ما أودعه الله من قوة ونشاط في خدمة دينهم، وأن يعرفوا ما لوطنهم وولاة أمرهم من الحق، بالطاعة في المعروف، وأن يكونوا حذرين من الأفكار الهدامة حتى ولو كان ظاهرهاً الصلاح والإصلاح، ولايكونوا آلة يستخدمها الأعداء ضد الأمة والإفساد في الوطن، وأن لا يلتفتوا لأقوال الحاقدين والمشكيين، وأن يستشعروا بأنهم آباء المستقبل.

وفي الختام .. فإن التفاؤل يغمرني بمشيئة الله بتفاعل المسؤولين والاستفادة من طاقات الشباب المهدرة .. والقادم أجمل بإذن الله.

زر الذهاب إلى الأعلى