أبرز المواديكتبون

الغرب وصناعة الحروب

لواء ركن م. حسين بن معلوي

قرأت وقرأ غيري كثيراً مما قاله أو كتبه بعض القيادات السياسية والاقتصادية والفكرية والعلمية والدينية والمؤرخين المستشرقين من الدول الغربيه عن العالم العربي ورؤيتهم له ، ثم قارنت ما سمعته أو قرأته بما شاهدته في وسائل الإعلام، وبما حصل من الأحداث الجسام في العقود الأخيره التي تخطت نتائجها الخطوط الحمراء لكل المتغيرات والمحددات المسموح بها في الأعراف والقوانين الدوليه في كل المجالات ، من كل ذلك فإنني سوف أنطلق لكتابة بعض النتائج والخلاصات التي توصل لها غيري من المحللين والمراقبين والمتابعين دون سرد أو تحليل لكيفية الوصول اليها الا من باب الاستشهاد بأحداثها .. وهذه النتائج هي ما ترسخ في قناعة الشعوب العربيه بكل شرائحها منذُ زمن بعيد.

 

 

إن الغرب بكل دوله وقياداته ومنذُ الحملات الصليبيه ومنذُ الحربين العالميتين الأولى والثانيه والتي كان من نتائجها استعماره للبلاد العربيه يتضامن ضد العرب مع الصادات الثلاث ويدعمها بقوه وهي .. ” الصهيونيه والصليبيه والصفويه ” ويعادي في المقابل الإسلام السني لأنه في نظر نخبه ومستشرقيه الإسلام الصحيح الذي يشكل رافعة استعادة الأمجاد العربية والإسلاميه اذا تم تطبيقه وينظر الغرب الى العرب والمسلمين على انهم فائض بشري يجب التخلص منهم أوأن يكونوا اتباع مستهلكين لمنتجاته ومهمتهم أن يكونوا حراساً لمصالحه يعيشون ليأكلون فقط لا يسمح لهم بإحياء حضارة لهم سادت ولا باستعادة أمجاد لهم بادت ، وتكون حكوماتهم الوطنيه ذات اعتماد كلي على الغرب وليس على ذاتها وشعوبها ولا تقوم بالتخطيط الإقتصادي والتعليمي والإجتماعي والعلمي لتحقيق التنمية الاقتصادية والصناعية والزراعية والعلميه والإبتكارات وان لا تقوم بالإعتماد على قدراتها من الناحية العسكرية والأمنيه ، بمعنى شامل “لا يسمح لها بإيجاد وقيادة نهضة حقيقيه لشعوبها “حتى تبقى هذه الدول والشعوب العربية وحكوماتها ضعيفة ومعتمدة على الغرب في امنها السياسي والإقتصادي والتنموي وتظل مجتمعات استهلاكيه وغير قادرة على الدفاع عن نفسها ضد اي اخطار خارجية او داخليه مما يستوجب عليها ابرام اتفاقيات الحمايه واقتسام ثرواتها مع الغرب وهذا اخضاع لها وانتهاك لسيادتها.

 

إن من النتائج التي تعتبر من المسلمات أن الغرب لم يسمح لأي دولة عربيه لتكون قوة عسكرية أو نووية يعتد بها لأن إسرائيل وحدها حسب الخطط الإستراتيجيه للغرب هي التي يجب أن تكون القوة العسكرية الأقوى والأكبر في المنطقه.

 

ومن النتائج المستخلصة للخطط الغربيه هو ضرورة استمرار زرع وتفريخ الفتن والمشاكل بين الدول العربيه بل وبين الإثنيات والأقليات والثقافات والمذاهب وضرب الأسرة والتعليم والعلماء والتاثير على الثقافه العربية الإسلاميه وإبقاء العالم العربي مستنزف ومتهالك لا يعرف للوحدة ولا للتنمية والتقدم طريق ، والأدلة على ذلك ما زرع من فتن بين الجزائر والمغرب وفي تونس وليبيا والسودان ولبنان وسوريا والعراق واليمن وفتن الإرهاب التي زرعها الغرب في المنطقه والتماهي مع التوسع الإيراني والإحتلال الاسرائيلي لفلسطين وتشريد شعبها وعدم تطبيق قرارات الأمم المتحده بشأن فلسطين ، ثم إن الغرب هو الذي بشر ودعم ما سماه بالربيع العربي الذي ادّى الى الخراب والدمار ، وكان هدفه ضياع الهوية القومية العربيه واسقاط الحكومات الوطنيه وزرع دويلات اثنيه لفرض الوصاية والسيطرة السياسية والإقتصادية والثقافيه على الدول والشعوب العربية.

 

ان مما اثبتتها البحوث المختلفه والوقائع والتاريخ أن الدول الغربيه اذا لاحظت ان هناك دولة عربيه لا تخضع لها ولا تسير في ركابها فإنها عن طريق عملاءها واجهزة استخباراتها تقوم بزرع فتن في هذه الدولة أو تلك ثم يتم تحويلها الى حروب اهلية وتزود المتحاربين من اطراف الفتنة المزروعة بالسلاح لقتال بعضهم بعضاً كما حدث في سوريا ، العراق ، السودان ، ليبيا ، ثم تتدخل الدول الغربية كوسيط صلح لدراسة الأزمه وتشكل اللجان ثم تُعَيِّنُ مبعوثاً بعد آخر لإدارة الخلافات ثم تحولها الى حروب و ازمات مزمنه وتواصل ادارتها لهذه الأزمة او تلك وليس حلها وتتركها مستمرة كالورم السرطاني بدون علاج ودون حل حتى تحقق هذه الحروب اهدافها ثم تفرض مبادرة الحل الذي تريده هذه الدول الغربيه التي تقودها امريكا وبريطانيا وفرنسا ، ويكون الحل الملغوم يخدم مصالحها ، وبتوضيح أدق نقل العالم العربي الى عالم التناحر والمتاهات والضياع والشواهد كثيره.

 

من النتائج المستخلصة أن أمريكا وحلفاؤها لم يكتفون بزرع الفتن والحروب الأهليه وخلق المعضلات في العالم العربي فاتجهوا الى تنفيذ ما سُمي بمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي سعت لتحقيقه وزيرات الخارجيه الأمريكيه السابقات “مادلين اولبرايت وكونداليزا رايس وهيلاري كلينتون ” والذي يسعى الى تقسيم المقسم وتجزأة المجزأ في العالم العربي ، هذا المشروع الذي افشلته السعودية بحزم وتسعى حالياً لإفشال ما تبقى منه والذي دعمه آخر خمسة رؤساء امريكان وعلى راسهم ” باراك أوباما ” الذي سعى ووزيرة خارجيته ” هيلاري كلينتون ” بكل قوه لتنفيذ هذا المشروع مما جعل الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله يتخذ موقفاً صارماً تجاه السياسات الأمريكيه ، ويتذكر المتابعون إقفال سمو وزير الخارجية سعود الفبصل رحمه الله سماعة التليفون في وجه وزيرة الخارجية الأمريكيه هيلاري كلينتون رفضاً لسياسة امريكا العدائيه.

 

لم يكتفي الغرب بإيجاد الفتن في العالم العربي بل إنه تماهى مع السياسات التوسعيه لثلاث دول اقليمية كبرى ليست عربيه فلم يوقف عدوانها وتوسعها الديمغرافي والمذهبي والسياسي في البلاد العربيه ، ثم انه أوجد وساند ورعى ما عرف بمنظمات الإرهاب التي زرعها واوجدها ورعاها ودعمها الغرب مثل القاعدة وداعش وحزب الله والحوثيين والجيش الشعبي في العراق وغيرها ولم تتأخر امريكا في رفع جماعة الحوثي من قائمة الإرهاب دون خجل او استحياء من حلفائها وشركائها ولم تدافع عن حقوق الإنسان السوري والفلسطيني واللبناني والليبي وغيرهم حسب دستورها ومبادئها التي تؤمن وتنادي بها فوق كل ارض وتحت كل سماء .. لأن اكبر همها هو رعاية تشتيت العرب والمكر بهم وانتشار المثليين وامثالهم من شياطين الإنس رغماً عن انوف اكثرية الشعب الأمريكي .. وخلافاً لما تدعيه من مبادئ وقيم وردت في دستورها وقوانينها.

 

قائد المنطقة الجنوبية سابقاً
قائد درع الجنوب ٢٠٠٩م

زر الذهاب إلى الأعلى