أبرز المواديكتبون

المسجد الأقصى

بقلم: د. أحمد بن سعد آل مفرح

سكن حب ‫المسجد الأقصى قلوبنا منذ أدركنا الحياة، فهو ‫ثالث الحرمين الشريفين وهو جزء لا يتجزأ من ‫المقدسات الإسلامية، ولن نقبل من يعلمنا تلك الحقائق والمسلمات، و ‫القضية الفلسطينية هي الأخرى رضعنا الهم والاهتمام بها مع حليب أمهاتنا، وهي قضيتنا الأولى.

كنا ونحن أطفال قبل خمسة عقود وأكثر نوفر من مصروفنا اليومي حتى نتمكن في نهاية كل شهر من شراء سند ‫ريال فلسطين حتى نسعد ونشعر بقيمة المشاركة في مساندة ‫الأقصى و ‫فلسطين.

إنه والحال كذلك، فمن الطبيعي أن تكبر معنا القضية الفلسطينية بجميع تفرعاتها وتشعباتها ويزداد الاهتمام بها، ونعرف جيداً كنهها وأبعادها وأسرارها، وندرك كذلك أولئك الذين يزايدون بها والآخرين الذين يعملون لأجلها، ونقيّم في الوقت ذاته حجم دعم الغير ونقيم دعم دولتنا لها.

لقد دعمت المملكة العربية السعودية كل منظمات تحرير فلسطين والمسجد الأقصى والمبادرات العربية المختلفة المفضية لتحرير المسجد الأقصى ولاستقلال ‫فلسطين ودفعت ومازالت تدفع بالقضية الفلسطينية إلى الواجهة في كل محفل دولي لتحقيق الغاية بحلها حلا جذرياً، والاعتراف بقيام ‫الدولة الفلسطينية وعاصمتها ‫القدس، وعودة اللاجئين الفلسطينيين ورفضت السعودية الحلول الجزئية ومبادرات السلام الثنائية الخجولة التي لا تعتمد على المبادرة العربية ولا على قرارات ‫الأمم المتحدة ولا تحقق قيام ‫دولة فلسطين المستقلة التي دعمتها المملكة واعترفت بها حتى اليوم، وانفقت الكثير من المال والجهد والوقت ولاقت في سبيل ذلك ما لاقت. ومع ذلك يأتي اليوم من يحاول الانتقاص من الدور ‫السعودي أو تجاهله أو المزايدة عليه، وهذا ليس من العدل ولا من الإنصاف ولا من المروءة ، فما السبب وراء ذلك؟

أعتقد أن من أبرز الأسباب أن الحركات الحزبية التي تتخذ من ‫الإسلام وسيلة لتحقيق غايات سياسية تسعى للتقليل من جهود السعودية وصرف انتباه واهتمام اتباعها عن فشلها الذريع في تحقيق وعود التحرير، فعمدت إلى محاولة طمس تلك الحقائق أو تشويهها خصوصاً أن تلك الأحزاب المختلفة فشلت فشلاً ذريعاً -ستحاسب عليه أمام الله- في توحيد صفها بعد تعاهدها في بيت الله الحرام وأمام ‫الكعبة الشريفة للائتلاف ورأب الصدع في الداخل الفلسطينى، ولكنها نكثت عهودها وفضلت حب السلطة الذي تغلب على دعم القضية الفلسطينية لأن في ذلك التنازع تكمن المصالح والمنافع الشخصية، فكيف يكون ‫تحرير فلسطين إذا القيادات الفلسطينية ترى غير ذلك!

وفي ظني أن أغلب اللاجئين في الخارج لا يرغبون العودة إلى ‫فلسطين فقد استقرت أحوالهم والتم شملهم في الشتات وتغيرت خارطة اهتماماتهم وانحرفت بوصلة توجهاتهم وتحسنت ظروفهم المالية والمعيشية، فالقضية بالنسبة لاغلبهم تاريخ مضى، وعلى غيرهم من المهتمين بشؤون الأقصى البحث عن الحلول ومواجهة ‫العدو الصهيوني نيابة عنهم.

والأمر الاخر يكمن في الشعور بالحسد لدى البعض لما أنعم الله به على سكان المملكة من نعيم ورفاه واستقرار، مع أن أغلب المقيمين في المملكة يشاركون مواطنيها ذلك الرخاء، بل أنهم يتقاسمون مع ‫المواطن التعليم والصحة والوظائف بدعم من الدولة منذ عقود، هذا بالإضافة إلى دعم ورعاية المملكة اللامحدود لقضايا المسلمين ومساندتها للبرامج التنموية والإغاثية الإنسانية في العالم.

أعلم أن المنصفين يدركون هذه الحقائق ويعلمون مدى مصداقيتها وصحتها، ويثمنونها ويقدرونها، فنحن وهم سنظل بحول الله أوفياء للأقصى ما عشنا فلن تثبط عزائمنا سذاجة القادحين ولا تقاعس المتخاذلين ولا انتقاص المنهزمين ولا انتفاع المتنفعين، فحبنا للأقصى دين ندين لله به، وانتماء يجري في عروقنا، وجذور ولاء ضاربة في تاريخنا، وبالله التوفيق.

*عضو مجلس الشورى السابق

زر الذهاب إلى الأعلى