أبرز الموادأهم الاخبارتقاريرمحليات

بعد تصنيفها كيانًا إرهابيًا.. التاريخ الأسود لجمعية “القرض الحسن” في دعم الإجرام

“سنوات من العمالة وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب”، هذا هو ملخص التاريخ الأسود لجمعية القرض الحسن، الذراع المالي لتمويل ميليشيا حزب الله الإرهابية، وأحد أشهر مؤسسات غسيل الأموال الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط، كل هذا وأكثر دفع المملكة إلى تصنيف جمعية القرض الحسن ومقرها لبنان، كياناً إرهابياً.

وأكدت رئاسة أمن الدولة إن تصنيف “القرض الحسن” جاء لارتباطها بأنشطة داعمة لتنظيم (حزب الله) الإرهابي، حيث تعمل الجمعية على إدارة أموال لتنظيم (حزب الله) الإرهابي، وتمويله، بما في ذلك دعم الأغراض العسكرية، مشددة على أن المملكة، ستواصل العمل على مكافحة الأنشطة الإرهابية لتنظيم حزب الله الإرهابي، والتنسيق مع الأشقاء والأصدقاء الدوليين؛ لاستهداف مصادر الدعم المالي للتنظيم، سواء كانوا أفراداً أو كيانات، للحد من أنشطته الإرهابية والإجرامية حول العالم.

وأكد البيان أنه “استناداً لنظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م / 21) وتاريخ 12 / 2 / 1439هـ، والآليات التنفيذية لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وتمويله، ومنها قرار مجلس الأمن رقم 1373 (2001)، الذي يستهدف مقدّمي الدعم للإرهابيين أو الأعمال الإرهابية، فإنه يجب تجميد جميع الأصول التابعة لجمعية (القرض الحسن) داخل المملكة، كما يُحظر القيام بأي تعاملات مباشرة أو غير مباشرة مع أو لصالح الجمعية، من قبل المؤسسات المالية والمهن والأعمال غير المالية المحددة وكافة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين، وستُتخذ الإجراءات النظامية بحق كل من تثبت علاقته بالجمعية أعلاه، أو القائمين عليها”.

تاريخ أسود لكيان إرهابي

ولعل إعلان “القرض الحسن كيان إرهابي”، دفعنا للبحث في التاريخ الأسود للمؤسسة المالية لميليشيا حزب الله، والتي تأسست في عام 1982، لتكون غطاء للعمليات المشبوهة لميليشيا حزب الله، وتسهيل تمرير التمويلات الإيرانية السوداء للحزب الذي فرض الجمعية خارج قانون المصرف المركزي في لبنان.

وبحسب مصادر مصرفية لبنانية فإن حزب الله أسّس “القرض الحسن” عام 1982 عقب الاجتياح الإسرائيلي، و تمتلك 31 فرعاً في لبنان، بعد أن تم ترخيصها من قبل وزارة الداخلية اللبنانية سنة 1987 بموجب علم وخبر 217/أ.د، ولعل هذا هو السبب الذي جعل الجمعية غير موجودة على لائحة المصارف المُرّخصة من قبل البنك المركزي اللبناني، ويحيط الغموض حول مصادر تمويلها.

وعلى الرغم من نشاطها المصرفي فهي لا تخضع لقانون “النقد والتسليف” الذي يحكم علاقة المؤسسات المالية بمصرف لبنان المركزي، وهي مسجلة بصفة جمعية خيرية، واتخذت الجمعية نشاط القروض الصغيرة للتغطية على عمليات كبيرة من التمويلات المشبوهة.

ومنذ مطلع الثمانينات تزاول الجمعية نشاط مصرفي عبر تقديم القروض الصغيرة الحجم ولآجال قصيرة مقابل ضمان للمشتركين، الذين يقومون بإيداع الأموال في الجمعية على أساس شهري، كما أنها تعطي قروضاً مقابل ضمانات من ذهب، بحيث يضع المقترض “ضمانة” عبارة عن كمية من الذهب لدى المؤسسة في مقابل حصوله على قرض، وتحتفظ بها الجمعية حتى يتم سداد القرض.

عمليات نصب وعقوبات دولية

وفي أبريل 2016، أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية جمعية “القرض الحسن” على قائمة العقوبات (بناءً على تشريع من عام 2015″، لكن نشاطها لم يتوقف، واشتهرت الجمعية بعمليات نصب أو احتيال خصوصاً عمليات الاستثمار، حيث يتم دفع عوائد للمستثمرين القدامى من خلال استثمارات المستثمرين الجدد.

وفي مايو 2021، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية (OFAC) 7 أفراد على صلة بحزب الله وشركته المالية “القرض الحسن” على قوائم العقوبات، مؤكدا أن الجمعية تستخدم كغطاء لإدارة الأنشطة المالية للجماعة الإرهابية والوصول إلى النظام المالي الدولي.

وشددت وزارة الخزانة الأمريكية على أن أعضاء الجمعية استخدموا الحسابات الشخصية في بعض البنوك اللبنانية بما في ذلك بنك جمال ترست المصنف من قبل الولايات المتحدة، للتهرب من العقوبات التي تستهدف القرض الحسن وتحويل ما يقرب من نصف مليار دولار أمريكي نيابة عن هذه المؤسسة.

استنزاف أموال لبنان

وقالت أندريا غاكي مديرة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية: “إن الجمعية التابعة لحزب الله تسيء استخدام القطاع المالي اللبناني واستنزاف الموارد المالية اللبنانية في الوقت الذي يعاني فيه الشعب اللبناني وأن “مثل هذه الأعمال تظهر عدم اكتراث حزب الله بالاستقرار المالي والشفافية والمساءلة في لبنان”.

وكشفت وزارة الخزانة الأمريكية أنه “في حين أن مؤسسة القرض الحسن تدعي خدمة الشعب اللبناني إلا أنها عمليا تنقل الأموال بشكل غير مشروع من خلال حسابات وهمية وميسرين مما يعرض المؤسسات المالية اللبنانية لعقوبات محتملة”.

وأشارت إلى أن “مؤسسة القرض الحسن تتنكر بصفة منظمة غير حكومية بموجب ترخيص ممنوح من وزارة الداخلية وتقدم خدمات مصرفية لدعم حزب الله بينما تتهرب من الترخيص المناسب والإشراف التنظيمي، ومن خلال ادخار العملة الصعبة التي يحتاجها الاقتصاد اللبناني بشدة يسمح “القرض الحسن” لحزب الله ببناء قاعدة دعم خاصة به وتقويض استقرار الدولة اللبنانية”.

تسريبات تفضح علاقتها بإيران

وفي ديسمبر 2020، نجح قراصنة إلكترونيون “Spiderz”، في اختراق حسابات مؤسسة “القرض الحسن”، ونشروا العديد من الوثائق المسربة، والتي كشفت حجم الاستثمار المكثف للمرشد الإيراني علي خامنئي والمؤسسات الإعلامية والحكومية الخاضعة لسيطرته، في هذه المؤسسة.

وبحسب تقرير نشره موقع “إيران إنترناشيونال” فإن الجمعية لديها  400 ألف حساب تعود لأفراد وكيانات على علاقة وثيقة بإيران وميليشياتها في الشرق الأوسط بالكامل، وأكدت الوثائق أن “القرض الحسن” تمكنت من التوسع على الرغم من العقوبات الدولية. ويقدر إجمالي الدورة المالية لهذه المؤسسة من عام 1983 إلى 2019، بنحو 3 مليارات ونصف المليار دولار.

حسابات إيرانية

وكشفت الوثائق المسربة عن وجود حساب تابع للمؤسسة باسم “ولي الفقيه” يعود لمكتب مرشد النظام الإيراني علي خامنئي، كما وجدت حسابات لمؤسسات تابعة لخامنئي، بما في ذلك مؤسسة “الشهداء” و”المحاربين القدامى” التي تخضع لعقوبات من الولايات المتحدة، وهذه المؤسسات ترسل أموالاً من إيران إلى “الجماعات الإرهابية” في المنطقة، لا سيما من خلال فرعها اللبناني.

ومن بين الحسابات التابعة للجمعية وجد حساب باسم لجنة “إغاثة الإمام الخميني”، والتي لها فرع في لبنان، من بين أصحاب الحسابات في مؤسسة “القرض الحسن”. كما أن شركتي “إيران إير” و”ماهان” للطيران، ومؤسستين أخريين في إيران، لهما حسابات في المؤسسة نفسها، وجميع هذه المؤسسات خضعت لعقوبات أمريكية في الفترة من 2011 حتى 2018 بسبب تمويلها للإرهاب.

جمع التبرعات لميليشيا الحوثي

ولم يقتصر عمل الجمعية على النشاطات المصرفية المحلية، بل تجاوز الحدود اللبنانية لرفد المساعدات “لحلفاء الحزب”، لاسيما الحوثيين في اليمن، حيث جمعت الجمعية تبرعات لصالح عناصر ميليشيا الحوثي، وفي نوفمبر 2018، فتحت الجمعية حساباً لنقل التبرعات للحوثيين في اليمن.

وفي أبريل 2019 افتتحت حسابين لنقل التبرعات لضحايا الفيضانات في إيران من قِبل الهلال الأحمر الإيراني وجمعية الإمداد التابعة لحزب الله. وتدخلت الجمعية حتى في التمويل العسكري.

زر الذهاب إلى الأعلى