أبرز المواديكتبون

توحيد مصطلح “المؤسس”

رضا العنزي

الدولة هي الهوية الجامعة المانعة لكل شعب في العالم وتٌميزه عن غيره.

 

أخبار قد تهمك

 

لايوجد دولة أو إمبراطورية في التاريخ إلا ولها مؤسس جمع حوله أدواته من زعامات مجتمعه كالدينية والقبلية والمناطقية والتجارية والأدبية وغيرها، ووحدهم باتجاه هدفه الذي قد امتلؤوا إيماناً به وهو بناء وطن موحد وحمايته وفرض سلطة الدولة بين أفراده.

 

وجميعنا يعرف أن مؤسس الدولة الأموية هو معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، ومؤسس الدولة العباسية هو أبو العباس السفاح ومؤسّس الدولة العثمانية هو عثمان أرطغرل.

 

 

قد يحدث أن تسقط الدولة بفعل غزو أو حدث عابر كبير، ثم يقوم بعده من يعيدها فيسمى المؤسس الثاني وربما يكون هناك مؤسس ثالث حسب تماسك شعب تلك الدولة وقوته ورفضه لسقوطها لأنها هويته الجامعة المانعة؛ وهذا الآمر حدث في الدولة الأموية عندما سقطت فأعادها الخليفة عبدالملك بن مروان فسمي المؤسس الثاني ومثله كذلك يعتبر الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور المؤسس الثاني للدولة العباسية بعد تمرد عمه وأبو مسلم الخراساني، وفي الدولة العثمانية يعتبر السلطان محمد جلبي هو المؤسس الثاني للدولة العثمانية بعد هزيمتهم على يد تيمورلنك.

 

إذاً فمصطلح مؤسس بالإطلاق يصرف الذهن للمؤسس الأول لتحديد عمر الدولة من بعده أما المؤسسين من بعده فيجب تقييدهم بعدد لكي لا ينقص عمر الدولة.

 

 

فلو أسقطنا هذا على الدولة السعودية التي تأسست عام 1139هـ 1727م فسيكون المؤسس هو الإمام محمد بن سعود رحمه الله، والمؤسس الثاني هو الإمام تركي بن عبدالله رحمه الله مؤسس الدولة السعودية الثانية بعد سقوط الأولى بثمان سنوات، والمؤسس الثالث هو الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله مؤسس المملكة العربية السعودية المعاصرة بعد سقوط الثانية ب10 سنوات.

 

كتبت هذا لأنني أجد في تقارير بعض الصحف والقنوات أن عمر السعودية هو 93 سنة فقط وإهمال وحذف تاريخ الدولتين السعوديتين الأولى والثانية، وكأنهما لم تحدثا في التاريخ، وربما أجد في كتابات كبار المثقفين مثل هذا الغلط كقول علي الوردي في كتابه قصة الأشراف وال سعود أن سوريا بعهد الشريف فيصل بن الحسين أول دولة للعرب يحكمون فيها أنفسكم (قبل الاستعمار الفرنسي).

 

 

 

وكذلك استنكار بعض من نحادثهم من إخواننا في الوطن العربي عندما نقول لهم أن السعودية هي أقدم دولة متصلة مستقلة في الشرق الأوسط، فيرد مستنكراً ان محمد علي باشا أنشأ مصر عام 1220هـ (1805م) وهذا قبل الملك عبدالعزيز، وهو لايعلم أن الدولة السعودية كانت قائمة قبل تلك السنة بنحو 80 عاماً وإنما عاصر الحاكم الثالث والرابع (حفيد الابن) للمؤسس.

 

 

 

فلو تم تعميم وتوحيد لقب المؤسس الأول وربطه بالإمام محمد بن سعود، لكان أسهل وأدق وأوضح لتاريخنا ولانصرف ذهن كل من يسمع اسم السعودية لقدم تاريخها الذي بلغ الثلاثة قرون.

ومن الجدير بالذكر أن الدارج عند الأمم والمؤرخين أن يحسبوا عمر الدولة من أول قرية ملكها المؤسس وهذا سيعيدنا إلى عام 850هـ (1447م) إلى الأمير مانع المريدي عندما أسس الدرعية وسيكون عمر السعودية نحو 600 عام ، هكذا تفعل الأمم في العالم ولكننا سنستن بسنة الدول العربية الإسلامية كالأموية والعباسية وسنبدأ التسجيل من بداية قيام الدولة على يد الإمام محمد بن سعود رحمه الله رحمةً واسعة ورحم كل أبناء هذه البلاد الذين عملوا وأخلصوا له، وآمنوا بفكرته التي كانت تنقصهم وهي الدولة المدنية التي تعطيهم الهوية الوطنية الجامعة لهم والمانعة من دخول غيرهم فيها.

زر الذهاب إلى الأعلى