أبرز المواديكتبون

حماس .. “مقاومة صامدة” أم “أبطال لسنا بحاجة اليهم “؟؟

 د. شيماء العماري

استيقظ العالم على الأحداث الأخيرة التي هزت منطقة الشرق الأوسط، وسُلطت الأضواء على حركة حماس وجناحها العسكري كتائب القسام حيث أشادت معظم الشعوب العربية بالنجاح الكبير والمذهل والغير مسبوق والتاريخي لهذه العملية الناجحة والمتقنة، في حين دعا البعض الآخر إلى ضرورة التهدئة وضبط النفس وعدم الانزلاق نحو التصعيد.

وفي ظل هذا التهليل والتبشير والتكبير والترحاب العربي باقتراب النصر العظيم، نلاحظ تحرك دولي كبير ضد حركة حماس “المصنفة إرهابية دولياً” وتضامن دولي ثقيل الوزن مع دولة إسرائيل، مع مخاوف أممية إزاء التصعيد في المنطقة مما قد يعطي الضوء الأخضر دولياً لإبادة جماعية ضد المدنيين واستباحة دمائهم تحت غطاء حق الدفاع عن النفس.

لاشك أن الجهود العسكرية التي قامت بها حماس والضربة التي وجهتها لإسرائيل وحكومتها اليمينية المتطرفة قد لاقت نجاحاً عسكرياً واسعاً، وأن هذه العملية كانت صفعة قوية ومفاجئة في وجه اسرائيل، وكشفت عن فشل ذريع وضعف في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي وأمنه السيريالي وإمكانية اختراقه وكسر غروره واستباحة قواته المسلحة المتغطرسة؛ وعن مدى نجاعة نظام “القبة الحديدية” الدفاعي، في الوقت الذي كانت اسرائيل تنعم فيه بالطمأنينة والهيمنة التامة والسيطرة المطلقة والمذلة على حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق والصوت العربي الخافت.

فهل يمكن أن تكون هذه النشوة العربية الجماعية، هتافات وشعارات ثورية لا غير، وهستيريا غير عقلانية كما اعتدنا عليها للأسف، لا تتجاوز ساعات معدودة قبل دمار قد يحل بالمنطقة إثر ”طوفان الأقصى” أم أن أكتوبر قد يتجدد وأن “نصر الله” قريب فعلاً؟

وهل ورقة عدد الأسرى الإسرائيليين قادرة فعلاً على تغيير المعادلة وإخلاء سبيل المعتقلين الفلسطينيين وإعادة إعمار أراضيها كما تروج حركة حماس؟ أم أن حماس اتخذت هذه الخطوة فقط لإرجاع صدى المقاومة التي اهتزت وضعفت وخارت قوتها في العقود الأخيرة؟

وهل من الأرجح أن تكون حماس قد قامت بشن الحرب سياسياً وإطلاق كل هذه الصواريخ بدون حساب للعواقب، في إطار لعبة سياسية لضرب تقدم مسار المفاوضات المتقدم حول التطبيع مع بعض الدول العربية جراء مخاوف إيران من تقليل نفوذها في المنطقة تحت ضوء “الصورة الجديدة الكبرى للشرق الأوسط “؟

هل سينجح الرئيس الأمريكى “بايدن” بدعم إسرائيل كليّا مادياً ولوجستياً كما صرح في خطابه أم أن الكونجرس الأمريكي وأزمته الأخيرة ومسار تعيين رئيس مجلس جديد سيقف عائقاً دون ذلك؟

هل ستلعب روسيا وجمهورية الصين الشعبية دوراً فاعلاً كدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، لتغيير موازيين القوى الدولية ضمن مسار التحالف الصينوروسي؟

وهل أن الوسطاء ذوي الوزن المهم جيوستراتيجيا مثل مصر وقطر قد يقدمون الحلول المناسبة والعادلة أم ستكون المفاوضات حسب المصلحة الوطنية والتنازلات الأكثر نفعاً؟ خاصة في حالة النزوح الفلسطينى إلى سيناء وتوطين جزء من الفلسطينيين فيها، في إطار دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة.

وهل ستكون الحرب الإقليمية في حال تدخل حزب الله من مصلحة لبنان في أثر هذا الوضع الاستثنائي الذي تشهده البلاد؟ أم أننا قد نسير جميعاً بهذه الهستيريا القومية العربية على خطى العراق الجريح .؟.

أخشى فقط أن تكون حماس قد دفعت الأشقاء في المنطقة إلى الكارثة بدون تخطيط استراتيجي وخطة سياسية طويلة المدى وأن يدفع الشعب الفلسطيني الشقيق ومن ثم كل الإقليم ثمن تهور سياسي غير مسؤول وغير مدروس بإسم المقاومة والقضية الفلسطينية التي تاجر بها الكثيرون على مدى عقود ثم اختفوا على متن يخوتهم الفاخرة أم في سراديبهم أو مواطن مهجرهم.
وأسأل الله السلام.. لأرض خلقت للسلام.. ولم تر يوماً سلاما.

نقلاً عن: The Capitol Institute

زر الذهاب إلى الأعلى