أهم الاخبارمحليات

خادم الحرمين: سنتعامل مع تحديات البترول بإرادة صلبة

قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كلمته السنوية أمام مجلس الشورى ألقاها نيابة عنه ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز ” سنتعامل مع تحديات سوق البترول بإرادة صلبة”.

وأوضح ” أننا نعيش في منطقة فيها العديد من الأزمات وأفرزت تحديات كثيرة علينا اليقطة والحذر لمواجهة التحديات وتداعياتها”.

وفيما يلي نص الكلمة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للهِ، والصلاة والسلام على رسولِ الله، نبينَا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.

أيّها الإخوة والأخوات أعضاء مجلسِ الشورى

السلام عليكم ورحمة اللهِ وبركاته:
في مستهلِّ هذا اللقاءِ السنوي، الذي يجمعنَا بهذهِ النخبةِ الطيبةِ من أبناءِ وبناتِ هذا الوطنِ الغالي، يسرنِي أنْ أقدمَ لكم الشكرَ على ما قامَ بهِ مجلسكم من أعمالٍ، وما اتخذه من قراراتٍ، ساهمتْ في ترشيدِ خياراتِ وقراراتِ الحكومةِ، وفقَ ما تقتضيهِ مصلحة الوطنِ والمواطن.

لقدْ أثمرتْ جهود مؤسسِ هذهِ الدولةِ -طيَّبَ الله ثراه- عن قيامِ هذا الكيانِ العظيم، الذي أصبحَ من مسؤوليتِنا جميعاً حكومةً وشعباً الحفاظ عليهِ وعلى مكتسباتهِ ومكانتهِ بينَ الأممِ وعلى رسالتهِ السامية، تلكَ الرسالة المستمدة من قيمِ الإسلامِ السمحة، ومن رغبةٍ في الحوارِ والتفاعلِ معَ الأممِ الأخرى، بغيةَ تحقيقِ الغاياتِ الإنسانيةِ المشتركة.

يجسِّد مجلسكمْ في تشكيلِه وحدةَ الوطن، وفي أعمالهِ المشاركةَ في صنعِ القرار، فأنتمْ من قادةِ الرأي الذينَ تعتمد عليهم الدولة في صياغةِ حاضرِ ومستقبلِ الوطن، وهذا يلقي عليكم مسؤوليةً كبرى في مواجهةِ التحدياتِ التي تتعرَّض لها بلادكم، وفي الدَّفعِ بمسارِ التنميةِ الوطنيةِ في أبعادِها المختلفةِ، لتحقيقِ تطلّعاتِ المواطن.

إنَّ بلدكم يعيش في منطقةٍ تشهد العديدَ من الأزماتِ، التي أَفْرزَت تحدياتٍ كبيرة، وبفضلِ اللهِ ثمَّ بتعاونِ مجلسِكم، وتضافرِ جهودِ حكومتكم تمكَنَّا منَ التعاملِ معَ هذهِ الأزماتِ، والاستجابةِ لهذهِ التحديِّات، ممَّا جعلَ بلادَكم واحةَ أمانٍ في محيطٍ مضطرب.

واليومَ -وكما تعلمونَ- يواجه وطنكم تحدياتٍ إقليميةٍ غيرَ مسبوقة؛ نتيجةً لما حلَّ بدولٍ مجاورةٍ أو قريبةٍ من أَزَماتٍ حادَّةٍ عَصَفتْ بواقِعها، ودفَعتْها إلى مسْتنقعِ الحروبِ الأهليةِ والصراعاتِ الطائفية، ممَّا يَتطلَّب منَّا اليقظةَ والحذر.

وأؤكِّد لكم أنَّ قيادَتكم مدركةٌ لهذهِ التحدياتِ وتداعيَاتِها، وبعوْنِ اللهِ وتوفيقه، ستبقَى بلادكم تَتمتَّع بما حبَاهَا الله من نِعَمٍ عديدةٍ وفي مقدِّمتِها نعمة الأمنِ والاستقرار.

أيّها الأعزاء الكرام

لا يخفى عليكم ما يحدث في سوقِ البترولِ العالميةِ من تطوراتٍ طارئةٍ، سبَّبتهَا عوامل عديدة، يأتي في مقدِّمتهَا ضَعف النموِّ في الاقتصادِ العالمي. وإنَّ هذهِ التطوراتِ ليستْ جديدةً في سوقِ البترول، وقدْ تعاملتْ معها حكومة بلادِكم في الماضي بإرادةٍ صلبة، وبحكمةٍ وحِنْكة، وسوفَ تتعامل مع المستجدَّاتِ الحاليةِ في سوقِ البترولِ العالميِّ بذاتِ النهج.

إنَّ المملكةَ ستبقى مدافعةً عن مصالِحهَا الاقتصاديةِ، ومكانَتِها العالميةِ ضمنَ منْظورٍ وطني، يراعي متطلَّبات رفاهيَةِ المواطن، والتنميةِ المستدامةِ، ومصالحِ أجيالِ الحاضرِ والمستقبل.

ونؤكِّد أنَّ التَطوّرَ الحقيقي هوَ الذي يتمّ وِفْقَ خطى موزونةٍ، تراعِي متطلَّباتِ الإصلاحِ، والقرارات الرشيدة يتمّ اتخاذها بعيداً عنِ العواطف، وتَصبّ في صَميمِ مصلحةِ الوطنِ والمواطنِ، ومسؤوليَّتكم كبيرةٌ أمامَ المواطنِ فيما يعرض عليكم من موضوعات، وأنا على يقين بأنَّكم أهلٌ لهذهِ المسؤولية.

لقدْ تطرَّقت في خطابي هذا إلى بعضِ الموضوعاتِ التي تسْتحْوِذ على اهتِمامكم، وفي خطابي الموزَّعِ عليكم استعراضٌ لما أنجزتْه حكومة بلادكم خلالَ العامِ الماضي في الشأنِ الداخلي والخارجي، سائلاً المولى عزَّ وجلَّ أن يوفقنَا جميعاً لكلِّ ما فيهِ خدمة الدينِ والوطن.

والسلام عليكم ورحمة اللهِ وبركاته.
ولدى وصول سمو ولي العهد يرافقه الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس ديوان سمو ولي العهد المستشار الخاص لسموه، والأمير بندر بن سلمان بن عبدالعزيز، كان في استقبال سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين والأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني، والأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، ورئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد آل الشيخ، ونائبه الدكتور محمد بن أمين الجفري، وأمين المجلس الدكتور محمد بن عبدالله آل عمرو، ورؤساء اللجان في المجلس.

وفور وصول سمو ولي العهد عزف السلام الملكي.

وبدأ الحفل الخطابي لافتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة السادسة لمجلس الشورى بآي من الذكر الحكيم.

ثم ألقى رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ كلمة شكر فيها الله -عزّ وجلّ- على ما مَنّ به على خادم الحرمين الشريفين من نجاح الإجراء الطبي المؤقت، سائلاً الله أن يضاعف له الأجر لقاء ما قدمه لأمته ووطنه.

وقال: يسعد اليوم مجلس الشورى بتشريفكم له، لتفتتحوا نيابة عن خادم الحرمين الشريفين عاماً جديداً في مسيرته التي أحيطت بالرعاية والاهتمام من لدن القيادة الكريمة، ويحتفي المجلس بتشريفكم في يوم من أيام الوطن، يلتقي فيه سموكم بنخبة من أبناء وبنات الوطن الذين أسندت إليهم مهمة جليلة ومسؤولية وطنية كبيرة، ونستذكر في هذا المقام ما أسبغ الله تعالى علينا من نعم متوالية، وما وفق الله إليه من إنجازات فريدة عنوانها الإصلاح والبناء والنماء رغم كل التحديات والظروف التي يشهدها عالمنا اليوم.

وأضاف رئيس مجلس الشورى: شهدت المملكة خلال الفترة الماضية عدداً من القرارات والأوامر ومزيداً من مشاريع النماء والخير التي تصب في مصلحة هذا الوطن؛ إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين حفظه الله.

وبيّن أنه في قطاع التعليم صدرت الموافقة الكريمة على برنامج عمل تنفيذي لدعم مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام مدته خمس سنوات بمبلغ (80) مليار ريال وتشكيل لجنة وزارية لتولي الإشراف العام على تنفيذ البرنامج، وشهد الاقتصاد المحلي بحمد الله نمواً جيداً نتيجة السياسة الاقتصادية المتميزة التي تنتهجها الدولة في خططها وبرامجها التنموية، حيث حقق الاقتصاد السعودي -بتوفيق الله- المركز الثالث كأكبر اقتصاد عالمي في إجمالي الأصول الاحتياطية في شهر رمضان/ شوال من عام 1435هـ الموافق يوليو من عام 2014م.

وقال “آل الشيخ”: في العام الماضي تفضل خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- بافتتاح مدينة الملك عبدالله الرياضية بجدة، وأصدر أمره الكريم بإنشاء (11) استاداً رياضياً على أعلى المواصفات والمعايير الدولية في بعض مدن المملكة؛ دعماً للشباب والرياضة، فيما يعود بالنفع والفائدة لهم ولوطنهم.

وأكد رئيس مجلس الشورى أن هذه البلاد الطيبة منذ نشأت وهي ترتكز في سياستها على مبادئ وأسس لا تحيد عنها أبداً؛ فهي دائماً تقف إلى جانب الحق والعدل وتسعى إليه وتتعاون مع المجتمع الدولي بهيئاته ومنظماته في تحقيق كل ما يعزز الأمن والسلم الدولي؛ من أجل أن يعم الرخاء والاستقرار هذا العالم، ولأن العالم اليوم يموج بعدد من القضايا، لذا فقد جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين القائد الذي يدرك أبعاد الأمور، حيث وجّه -حفظه الله- كلمة تاريخية إلى الأمتين العربية والإسلامية والمجتمع الدولي حذرهم فيها من تنامي خطر الإرهاب ومحاولات تشويه صورة الإسلام النقية، وكان -حفظه الله- قد أعلن تبرع المملكة بمبلغ (100) مليون دولار لتفعيل المركز الدولي لمكافحة الإرهاب؛ إدراكاً منه لأهمية التصدي لهذا الوباء الذي يشكل تهديداً للعالم كله.

وبيّن الدكتور “آل الشيخ” أنه في ظل ما تشهده بعض الدول العربية من أحداث وظروف عصيبة أثرت في استقرارها، فقد واصلت المملكة مساعيها الهادفة إلى تحقيق الأمن والاستقرار، فلم تألُ جهداً في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف نزيف دم الشعب السوري الشقيق ومحاولات إيجاد حل للأزمة السورية. كما رحّبت المملكة باتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي وقّعته الأطراف السياسية اليمنية، آملة أن يُمكّن هذا الاتفاق اليمن الشقيق من تجاوز أزمته امتداداً لرعاية المملكة للمبادرة الخليجية التي أسهمت في تجنيب اليمن الشقيق ويلات النزاع والفتن.

وقال رئيس مجلس الشورى: بذلت المملكة عبر مبادرة خادم الحرمين الشريفين جهوداً كللت -ولله الحمد- بالنجاح لرأب الصدع بين كل من جمهورية مصر العربية ودولة قطر الشقيقتين؛ سعياً لاجتماع الكلمة ووحدة الصف العربي.

وأضاف: وأنتم تتفضلون -حفظكم الله- اليوم نيابة عن خادم الحرمين الشريفين بافتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة السادسة لأعمال مجلس الشورى، فإن مجلس الشورى ختم عامه الثاني من هذه الدورة بجملة من الإنجازات كانت نتاج (79) جلسة تم خلالها دراسة عدد من مشروعات الأنظمة واللوائح والاتفاقيات والتقارير والخطط، وفقاً لما نصّت عليه المادة الخامسة عشرة من نظامه.

وأوضح أنه قد بلغ إجمالي القرارات التي صدرت عن المجلس خلال عامه المنصرم (154) قراراً على النحو الآتي: (25) قراراً تتعلق بالأنظمة واللوائح، و(67) قراراً تتعلق بالتقارير السنوية، و(49) قراراً تتعلق بالاتفاقيات ومذكرات التفاهم، (5) قرارات تتعلق بتشكيل لجان المجلس المتخصصة واللجان الخاصة، و(4) قرارات تتعلق بالاستراتيجيات والخطط، و(4) قرارات تتعلق بمقترحات الأعضاء عبر المادة (23) من نظام المجلس.

وقال رئيس مجلس الشورى في كلمته: إنه من مشروعات الأنظمة التي درسها المجلس في العام المنصرم: تعديل بعض مواد نظام العمل، ومشروع تنظيم الهيئة العامة للأوقاف، ومشروع نظام وظائف مباشرة الأموال العامة، ومشروع نظام جباية الزكاة في الأنشطة التجارية والمهنية، وتعديل بعض مواد نظام هيئة التحقيق والادعاء العام ولائحة أعضائها والعاملين فيها.

وأشار رئيس المجلس إلى أن المجلس حرص ومن خلال توجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد على أن يحمل هموم المواطن وينقلها للمسؤولين كل في اختصاصه، حيث أولى المجلس عبر سنواته الماضية هذا الجانب اهتماماً كبيراً خلال استضافته الوزراء والمسؤولين في الأجهزة الحكومية المختلفة، مشيراً إلى أنه قد حضر إلى مجلس الشورى خلال السنة الثانية من الدورة السادسة عدد من المسؤولين في الوزارات والأجهزة الحكومية المختلفة، حيث تمت مناقشتهم فيما يخص أداء تلك الوزارات والجهات التابعة لهم، واستيضاح كثير من الموضوعات الداخلة في اختصاصاتهم.

وأكد أن المجلس فتح نوافذ عدة يتلقى منها اقتراحات المواطنين وشكاواهم، سواء من خلال لجنة حقوق الإنسان والعرائض التي تمارس دوراً رئيساً في هذا المجال، أو من خلال عقد اجتماعات مع المواطنين والاستماع مباشرة لقضاياهم، أو عن طريق التواصل الإلكتروني الذي خصص له المجلس وحدة إدارية؛ من أجل تسهيل تواصلهم مع المجلس أو عبر البريد برسائل وعرائض يتلقاها وتحظى بالعناية والدراسة.

وقال رئيس مجلس الشورى: تطبيقاً للنهج السياسي الحكيم الذي تتبناه المملكة العربية السعودية في علاقاتها الخارجية واصل مجلس الشورى جهوده على صعيد الدبلوماسية البرلمانية التي أسهمت على مدى السنوات الماضية في إبراز صورة المملكة الحضارية، وحقيقة الواقع الذي تعيشه، ومواقفها العادلة تجاه مجمل القضايا الدولية، سواء من خلال المشاركة في المؤتمرات البرلمانية الدولية والإقليمية أو الزيارات التي يقوم بها مسؤولو وأعضاء المجلس أو لجان الصداقة البرلمانية، أو من خلال الوفود البرلمانية التي يستضيفها المجلس من مختلف الدول.

وشكر “آل الشيخ” في ختام كلمته المسؤولين في المجلس والأعضاء على جهودهم، مؤكداً أن المجلس يسير -بمشيئة الله- من أجل تحقيق المزيد من الإنجازات التي يطمح إليها المواطن، وتتطلع إليها القيادة الكريمة من أجل مستقبل زاهر وعطاء أكبر.

كما قدّم رئيس مجلس الشورى الشكر لخادم الحرمين الشريفين، ولسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد -حفظهم الله- على ما يلقاه المجلس من دعم واهتمام وتأييد، سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يديم على هذه البلاد المباركة وقادتها فضله وكرمه، ويحقق ما يصبو إليه الجميع من آمال وتطلعات إنه سميع مجيب.

وفيما يلي نص كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- التي وجّهها لأعمال السنة الثالثة من الدورة السادسة لمجلس الشورى:

بسم الله وعلى بركة الله نفتتح أعمال السنة الثالثة من الدورة السادسة لمجلس الشورى سائلين المولى القدير أن يوفقنا جميعاً إلى ما فيه خير بلادنا الغالية وأن يبارك جهودنا جميعاً ويجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.

أيها الإخوة والأخوات:
يسرني في هذا اللقاء السنوي الذي يجمعني بهذه النخبة الطيبة من أبناء وبنات هذا الوطن الغالي أن استعرض معكم ما حققته دولتكم من إنجازات خلال العام الماضي على الصعيدين الداخلي والخارجي.

وبداية نود أن نستذكر معكم جميعاً ما منً الله به علينا في هذه البلاد الآمنة من نعم عظيمة أولها نعمة الإسلام وما شرفت به بلادكم من خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما ثم ما منً الله به علينا من توحيد الشتات على يد الملك عبدالعزيز ـ طيب الله ثراه ـ فأمن أهلها بعد خوف واجتمع الشمل بعد فرقة وأسس ـ رحمه الله ـ دولة موحدة وبنى نهضة مباركة وواصل أبناؤه الملوك من بعده مسيرة البناء إلى أن وصلت بلادكم إلى ما وصلت إليه من تطور ونهضة على المستويات كافة.

أيها الإخوة والأخوات:
يأتي هذا اللقاء في ظروف دولية وإقليمية بالغة الحساسية والدقة فمحيطنا الإقليمي يموج بالقلاقل والفتن كشر فيه الإرهاب عن أنيابه قاتلاً للأنفس وسالباً للأموال ومنتهكاً للأعراض، ومع تلك الظروف وما تستدعيه من انشغال بها، فقد واصلت دولتكم مسيرتها التنموية ساعية إلى تعزيز الأمن وتحقيق راحة المواطن وسعادته.

أيها الإخوة والأخوات:
إن تحقيق التنمية والرخاء يترافق معه تشجيع منظومة القيم الثقافية والأخلاقية التي تقوم عليها بلادنا والتي حث عليها ديننا الحنيف الداعي إلى نشر التسامح والمحبة والرحمة، وترسيخ الهوية الإسلامية والعربية للمملكة، والاستمرار في دعم مكانتها على الصعيد الدولي، وتعزيز الوحدة الوطنية، وتحقيق الأمن الوطني الشامل، وضمان حقوق الإنسان والعدل والمساواة والاستقرار، مع تطبيق مبادئ الشفافية والمساءلة، ومواصلة الإصلاح المؤسسي وحماية النزاهة ومكافحة الفساد. ولتحقيق ذلك فقد سعينا إلى تكريس الحوار الوطني في الداخل فواصل مركز الملك عبدالعزيز للحوار نشاطه المرسوم له في تعزيز قيم الحوار بين أطياف المجتمع كافة وأطلق برنامج (حوارات) بمشاركة نخبة من العلماء والدعاة والمفكرين والمثقفين للحوار حول موضوع التطرف. كما أكدت دولتكم دائما على أهمية تعزيز حقوق الإنسان وأصدرت المزيد من الأنظمة المتعلقة بذلك وكان آخرها نظام الحماية من الإيذاء ونظام حماية الطفل، وتواصل الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان متابعة كل ما يتعلق بحقوق الإنسان.

كما أن المجتمعات لا تنهض إلا بالتكاتف والمشاركة في نواحي الحياة، ومن هذا المنطق فقد عملت دولتكم على تشجيع مشاركة أوسع للمرأة ضمن ضوابط الشرع الحنيف، ولا شك أن وجود ثلاثين عضواً من النساء في مجلسكم هذا خير دليل على هذه المشاركة الواعية والفاعلة التي تنعكس إيجاباً على الحياة الاجتماعية والاقتصادية في وطننا الغالي. كما صدر عدد من الأنظمة التي تصب في هذا الاتجاه منها نظام المجالس البلدية، كل ذلك بهدف الوصول ببلادكم إلى مصاف الدول الأكثر تقدماً ورخاء مع الحفاظ على قيمنا الإسلامية وتراثنا الأصيل.

أيها الإخوة والأخوات:
يظل الأمن هاجساً أساسياً لنا جميعاً وقد شهدنا خلال العام الفائت محاولات مستميتة من الفئة الضالة وعناصر التخريب ودعاة الفرقة للنيل من استقرار بلادكم ووحدتها فكان الرد عليها في المواقف الرائعة من المواطنين على مستوياتهم كافة مما أثلج الصدر وطمأننا إلى صلابة وحدتنا الوطنية وباءت تلك المحاولات بالفشل الذريع نتيجة هذه المواقف وما قامت به مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية، التي وقفت لهم بالمرصاد وأفشلت خططهم نقول ذلك ونشير بفخر واعتزاز إلى يقظة رجال الأمن وتضحياتهم من أجل أداء رسالتهم وندعو لمن توفاهم الله بواسع رحمته ومغفرته وجنته، ونحيي من يواصل السهر على أمن الوطن والمواطن ونشد على ساعده وندعو له بالتوفيق والسلامة.

وإننا بهذه المناسبة ومن هذا المنبر نؤكد للجميع أننا لن نسمح بأي تهديد للوحدة الوطنية وليعلم من يرتهنون أنفسهم لجهات خارجية تنظيمات كانت أم دولاً أنه لا مكان لهم بيننا وسيواجهون بكل حزم وقوة، كما نؤكد عزمنا على مواصلة العمل الفكري والأمني للتصدي للإرهاب ولن يهدأ لنا بال حتى نحصّن بلادنا الغالية من هذا الخطر.

أيها الإخوة والأخوات:
لقد ابتلي العالم بداء الإرهاب هذا الداء الذي استشرى في أنحاء المعمورة والذي أضر بالمسلمين أكثر من غيرهم وعانت منه بلادكم كما عانى منه غيرها، ولقد حرصنا أن تكون دولتكم في مقدمة الدول لمحاربته، فعلى الصعيد الداخلي تمت مواجهته من خلال محاور عدة منها ما يتعلق بالجانب النظامي بإقرار نظام جرائم الإرهاب وتمويله ومنها ما يتعلق بالجهود المبذولة من العلماء والدعاة والمثقفين لبيان ضلال هذا الفكر وخطورته على العقيدة والأمن ومن ذلك ما صدر عن هيئة كبار العلماء عن الإرهاب وخطره ومكافحته، إضافة إلى العمل الأمني الدائم لمواجهته من خلال التحركات الأمنية الاستباقية لإفشال خطط الإرهابيين ومطاردتهم والقبض عليهم وتقديمهم للعدالة.

وعلى الصعيد الخارجي كان لدولتكم السبق في التحذير من الإرهاب وذلك من خلال دعوتنا لإنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب والدعوة إلى مواجهة الإرهاب على المستوى الدولي وقدمت المملكة لهذا المركز تبرعاً بمبلغ مائة مليون دولار لتفعيل دور هذا المركز عاجلاً، ثم عززنا ذلك بدعوتنا المجتمع الإقليمي والدولي إلى التعاون لمكافحة هذا الداء.

الإخوة والأخوات:
إن العدالة أساس قامت عليه هذه الدولة، وستظل قائمة عليه بإذن الله، وقد أنيط تحقيق العدل بمؤسسة القضاء التي تسير في بلادنا بمقتضى شرع الله، وقد حرصنا من خلال مشروعنا لتطوير القضاء وتذليل الصعوبات التي تواجه المؤسسات القضائية للوصول بهذا المرفق البالغ الأهمية إلى ما نصبو إليه جميعاً من تحقيق العدالة. وقد ناقشتم في مجلسكم الموقر نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية ونظام المرافعات أمام ديوان المظالم التي تم إصدارها، كما صدر أمرنا بتشكيل لجنة شرعية من عدد من العلماء الأفاضل لإعداد مشروع مدونة للأحكام القضائية في الموضوعات الشرعية التي يحتاجها القضاء تصنف على هيئة مواد على أبواب الفقه الإسلامي. ونحن عازمون بعون الله على الاستمرار في هذا التطوير سعياً للوصول بالقضاء في بلادنا إلى المستوى الذي تقتضيه الشريعة السمحة ويتطلع إليه المواطنون ولن نتردد في دعم مسيرة القضاء وصون استقلاله.

إخواني وأخواتي الأعزاء:
لقد استطعنا بحمد الله على مدى العام المنصرم إنجاز الكثير من المشاريع المتعلقة بالحرمين الشريفين، فقد شارفت أعمال توسعة المسجد الحرام على الانتهاء بشكل عام كما تم إنجاز مرحلة كبيرة من التوسعة الخاصة بالمطاف وكذا مشروع الجمرات، وقد اتضحت بشائر تلك الإنجازات بحمد الله في موسم الحج الماضي حيث أدى الحجاج مناسكهم براحة وطمأنينة شهد بها القاصي والداني.

زر الذهاب إلى الأعلى