أبرز الموادمحليات

“زكريا” في “الواشنطن بوست”: السعودية حققت تحولًا استراتيجيًا في سياستها الخارجية.. وولي العهد قادر على إدارة التوازن بالمنطقة

المناطق_الرياض

تناول الصحفي والسياسي الأمريكي “فريد زكريا” في مقال له بصحيفة “واشنطن بوست” صعود دول الخليج، معتبرا أنه قد يعيد تشكيل العالم.

 

وقال “زكريا”: “إذا فوجئت بالاستيلاء الفعلي للمملكة العربية السعودية على لعبة الجولف الاحترافية، فاستعد للعديد من الإعلانات المماثلة في الأشهر والسنوات القادمة”، في إشارة إلى إعلان الشراكة بين PGA وبطولة LIV غولف التي يرعاها صندوق الاستثمارات العامة.

 

وطرح “زكريا” تساؤلاً بشأن الاقتصاد الأسرع نموًا في العالم العام الماضي؟ مشيراً إلى أنه قد يتبادر إلى ذهنك أنها الهند أو الصين، أو أي من النمور الآسيوية، الا أنه افتراض خاطى، حيث إنها المملكة العربية السعودية، والتي سجلت نسبة نمو 8.7%، فيما سجلت الكويت والإمارات العربية المتحدة نموا كبيراً أيضا.

 

وتساءل الكاتب الأمريكي بشأن أسباب الازدهار؟ لافتاً إلى أنه على الرغم مما يأمله الكثيرون، لا يزال العالم يعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري، وأن الحرب الأوكرانية والعقوبات المفروضة على روسيا أدا إلى تقليص أهمية موسكو في أسواق النفط والغاز العالمية.

 

وبالإضافة لذلك، فإن أكبر دولتان من الدول المنتجة للنفط في العالم “إيران وفنزويلا”، تخضعان للعقوبات ولديهما بنية تحتية نفطية قديمة ومتدهورة.

 

فيما تنتج الولايات المتحدة الكثير من النفط والغاز لكنها لا تزال تستورد كميات كبيرة، نوتيجة لذلك يعتمد العالم حاليًا على عدد قليل من دول الخليج للحصول على إمدادات ثابتة من النفط والغاز.

 

ويقول “زكريا” أنه من المرجح أن تستمر هذه الظروف خلال العقد المقبل، وإذا حدث ذلك، فستشهد دول الخليج أكبر تدفقات للثروة في التاريخ.

 

وبحسب ما ورد فقد جمعت صناديق الثروة السيادية الأربعة الرئيسية لهذه البلدان ما يقرب من 3 تريليونات دولار من الأصول، بزيادة قدرها 42% على مدى العامين الماضيين.

 

ويتوقع أن تكون المملكة العربية السعودية أداة الاستثمار الرئيسية، فصندوق الاستثمارات العامة، يملك أكثر من 2 تريليون دولار بحلول عام 2030، مما يجعلها الأكبر في العالم في المستقبل القريب، وقد تصبح هذه أهم تجمعات لرأس المال في العالم.

 

وينبه الكاتب إلى التأثير الاقتصادي لهذه الثروة. فقد اشترت المملكة العربية السعودية، شركة الجولف المحترفة، وفي يناير، قالت وكالة بلومبيرج الأخبارية أن المملكة سعت لشراء امتياز سباقات الفورمولا 1 بأكثر من 20 مليار دولار.

 

أيضا انتقل نجم كرة القدم الأكثر شهرة في العالم، كريستيانو رونالدو، للعب مع أحد الأندية السعودية مقابل 200 مليون دولار سنويًا، وتقوم الرياض باستثمارات ضخمة في صناعة الألعاب عبر الإنترنت، على أمل أن تصبح لاعبًا رئيسيًا في هذا المجال، وبالنظر إلى الفرق الرياضية المرموقة والفنادق الفاخرة في أوروبا والعلامات التجارية، سوف ترى أن وراءها مُلاك خليجيون.

 

ونقل “زكريا” عن أحد وزراء الخليج قوله، “لقد بنينا الكثير من البنية التحتية في بلادنا، ما يأتي حاليا هو استثمار نقدي”.

 

ويرى الكاتب أن هذه الزيادة في الثروة أعادت تشكيل الشرق الأوسط، وأن الدول التي كانت مهيمنة في المنطقة ولأسباب مختلفة منها (الفقر، الانقسام) لم تعُد قادرة حاليا على لعب أدوار قيادية، فالخليج هو محور القيادة، والمملكة العربية السعودية حققت على وجه الخصوص، تحولًا استراتيجيًا كبيراً في سياستها الخارجية، بما في ذلك العلاقات مع قطر والأردن، وأعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران والسعي للتوصل إلى اتفاق سلام في اليمن”.

 

وتعمل دول الخليج جميعها على تعميق علاقاتها مع الصين، التي تعد حاليا أكبر العملاء في المنطقة، وفي عام 2001، كانت تجارة المملكة العربية السعودية مع الصين تزيد قليلاً عن 4 مليارات دولار، أي حوالي عُشر تجارتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

 

وفي عام 2021، كان حوالي 87 مليار دولار، أكثر من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجتمعين، وفي وقت، تنمو فيه العلاقات الاقتصادية بسرعة، حتى أن صحيفة واشنطن بوست أفادت بأن الصين استأنفت بناء منشأة عسكرية مشتبه بأنها في الإمارات العربية المتحدة.

 

ونبه إلى أن السعودية والخليج لا يسعيان للطلاق مع الولايات المتحدة: “إنهم يرغبون في علاقات اقتصادية وثيقة مع الصين وعلاقات أمنية وثيقة مع أمريكا؛ ويرغبون في أن يكونوا قادرين على التعامل بحرية مع الجميع، بما في ذلك روسيا.

 

ويقول الكاتب: إذا كنت ترغب في أن ترى أين توجه الروس هربًا من العقوبات الغربية، فقم بزيارة دبي، حيث ستسمع اصوات روسية أكثر من العربية في بعض الفنادق.. لديهم علاقات متنامية مع الهند، بل إنهم يبنون روابط جديدة مع إسرائيل؛ وترغب معظم الدول في اتباع سياسة تتيح لها العمل بشكل مستقل، واختيار الأصدقاء في الغرب والشرق بما يتناسب مع مصالحها”.

 

وشدد “زكريا” في ختام مقاله على “أنه إذا استمر ولي العهد في المسار الذي يسير فيه حاليا، فمن المرجح أن تكون المملكة العربية السعودية قادرة على إدارة هذا التوازن”.

زر الذهاب إلى الأعلى