أبرز الموادالاقتصاد

صحاري المملكة تشهد موت أشجار الطلح.. وخبير بيئي يكشف الأسباب والحلول

تشهد صحاري المملكة ظاهرة بيئية خطيرة تتمثل في الموت البطيء لأشجار الطلح، لاحظها المتنزهون والمهتمون منذ 15 عاماً، وارتفعت وتيرتها في الأعوام الماضية، بطريقة تنذر بكارثة محتملة.

وتعليقاً على الظاهرة قال الخبير البيئي حميد بن مبارك الدوسري : لاحظت موت الطلح في منطقة “الهضب” منذ نحو 15 عاماً ، ووثقتها، وعرضت الأمر على الحياة الفطرية وأفادوني أن السبب هو ازدياد أعداد حشرات “الخنافس” التي تنخر جذوع الشجر، وهذا الازدياد سببه صيد الطيور المهاجرة التي تتغذى على هذه الخنافس وتحد من انتشارها .

وأضاف: يتزامن وقت مرور الطيور مع وقت نشاط تلك الخنافس وخروجها من مرحلة التشرنق إلى مرحلة التكاثر، وكان هناك توازن بيئي عبر العصور اختل في هذا الوقت، وهذه مجرد بوادره والقادم أعظم .

أخبار قد تهمك

وتابع “الدوسري”، في عام 1416هـ مررت على أماكن في منطقة بيشة إلى الغرب من “خدان” والجنوب من “العفيرية”، ورصدت بالصور حالها آنذاك، ثم زرتها بعد 3 سنوات ورأيت فيها هول الكارثة خلال فترة وجيزة، فقد مات أكثر من نصف أشجار المنطقة، رغم توالي الأمطار عليها في السنوات الماضية.

وقال الخبير “الدوسري” هناك عدد كثير من أنواع الخنافس التي تتسبب في موت الطلحيات، ويمكن تقسيمها إلى ثلاث مجموعات بالنظر إلى ضررها: المجموعة الأولى: تتسبب يرقاتها في أكل اللحاء الذي بين الخشب والقشرة الخارجية، ويسبب تلف اللحاء منع الماء والغذاء من الوصول لأعلى الشجرة ثم موتها، ويرقات هذا النوع مسطحة رقيقة جداً تستطيع الدخول بين القشرة واللحاء، والمجموعة الثانية يرقاتها تحفر أنفاقاً طويلة داخل الخشب قبل أن تتشرنق، وهي عادة معتمدة على المجموعة الأولى لأنها تفتك بالخشب اليابس أو قليل الرطوبة، وأنواع هذه المجموعة كثيرة وبعضها غير معروف إلى الآن، والمجموعة الثالثة يرقاتها متخصص في أكل البذور فقط، والطور البالغ من جميع تلك الأنواع قادر على الطيران والانتقال من مكان إلى آخر.

وحول المكافحة بالرش أضاف أن موت الأشجار الطلحية ظاهرة آخذة في الاتساع من حيث الرقعة المكانية وشمول أعداد متنوعة من الأشجار الطلحية غير الطلح والسمر وأم غيلان، بسبب صيد الطيور المهاجرة التي كانت تتغذى على تلك الحشرات أثناء توقفها في المملكة للراحة والغذاء، وأن موسم نشاط تلك الحشرات متزامن مع مواعيد تلك الهجرة ذهاباً وإياباً، وقد ترتب على ذلك توازن في النظام البيئي عبر العصور، تحصل فيه الطيور على الغذاء، وتحد من تكاثر الحشرات التي سوف تقضي على الشجر، وكانت الظاهرة واضحة في منطقة “الهضب” ومنطقة رنية وبيشة وما حولها. والآن قد امتدت الكارثة إلى شمال المملكة حيث تقل الأشجار الطلحية عدداً وتنوعاً متزامنة مع الاحتطاب العشوائي والرعي غير المنظم وأصبح الموضوع مقلقاً للجميع وبدأ كلٌ يدلي بدلوه، يدعوهم الحماس للمحافظة على ما تبقى من تلك الأشجار ولكن النية الطيبة وحدها لا تكفي والحلول السريعة وغير العلمية سوف تأتي بنتائج عكسية، ومن هذه الحلول التي تم البدء بها المكافحة برش الأشجار البرية بمبيدات كيميائية دون دراسة آثار ذلك العمل ونتائجه من قبل المختصين وأصحاب الخبرة وهذه الطريقة من المكافحة غير مقبولة، ولا ينبغي أن تتم أبدا ًلخطورتها وضررها على الحياة الفطرية وعدم جدواها أصلاً.

وأردف حميد الدوسري، سوف أبين ذلك بشيء من التفصيل، فالحشرات المستهدفة بالمكافحة وهي يرقات الحفار التي تأكل الخشب تكون في داخل الخشب عميقاً وبعيداً عن الرش ولن تتأثر به، والحشرة الأم حشرة كبيرة طائرة لا تكون في الشجرة كل الوقت وبإمكانها الطيران والهروب قبل الرش إن كانت موجودة، والمعروف أن تلك الأشجار موئل حيوي لعدد هائل من الكائنات الحية من الحشرات وغيرها من الأحياء الفطرية النافعة للشجرة نفسها، والرش يبيدها جميعها بدون استثناء ويحرم الشجرة نفسها من الاستفادة من تلك الأحياء، ويحرم عدداً كبيراً من الكائنات الأخرى من مصدر غذائها؛ فهناك النمل والخنافس والجراد والزواحف والطيور وغيرها بعضها يتغذى على بعض، وزيادة على ذلك فالأحياء التي تموت من أثر الرش تصبح غذاءً ساماً لما يأكلها من الكائنات الأخرى.

وختم الخبير البيئي حميد الدوسري حديثه بمناشدة المسؤولين في وزارة البيئة والزراعة والمياه بوقف الرش فوراً لعدم جدواه، والبحث عن حلول أخرى آمنة غير الرش من المكافحة المتخصصة وهي المكافحة الحيوية أو المصائد وغيرها، مع إمكانية قطع الأشجار شديدة الإصابة وإتلافها بطريقة آمنة، لأنها تحتوي على أعداد من اليرقات التي سوف تتحول إلى حشرات بالغة.

زر الذهاب إلى الأعلى