يكتبون

صعوبات إدارة المناطق الطرفية

بين فترة وأخرى تظهر إشكالية في المناطق الطرفية وتبرز بالذات في المواسم، فكما نقرأ هذه الأيام تبرز مشكلة المياه في منطقة الباحة وكأنها جديدة، بينما هي متكررة على مدى سنوات طوال، وقبلها برزت مشكلة الصحة في جازان وهكذا تتكرّر صعوبات تنموية في مناطق أخرى وفي غير هذين المجالين يفترض أن لا تكون بهذا التعقيد، فلماذا يحدث ذلك؟

1. الإدارة المركزية للوزارات سبب في ذلك، فهي لا تشعر بمعاناة إداراتها الطرفية ولا تخطط للتغلب عليها سوى بعد وقوعها وبروزها إعلامياً، فتجري للقيام بحلول توفيقية. تواصل الوزارات مع فروعها في تلك المناطق غالباً ما تكون على صيغة توجيهات وتعاميم فقط وليس حواراً واستيعاباً لمشاكلها. دون أن نزعج الوزارات، بعضها تعتبر مهمة مدير فرعها في المنطقة عدم الإزعاج والسيطرة على الأوضاع بحيث لا تحدث شكوى من الناس أو أمير المنطقة.

2. الفكر الإداري لقيادات المنطقة فهم يبحثون عن البروز الشخصي ويصعب عليهم الاعتراف بالصعوبات دون القدرة على حلّها. لا يريدون ذم مناطقهم أو تصويرها بشكل ينقصه الكثير وفي نفس الوقت المشاكل موجودة وليس لديهم حلول.

3. غياب التخطيط المناطقي أو تواضعه، وإن اجتهد بوضع خطة تطويرية فلا يوجد ميزانية مضمونة لها ولا يوجد التزام من الوزارات المعنية بتنفيذها. خططنا أغلبها قطاعية (على مستوى القطاعات) ووطنية (على مستوى الوطن) مركزية.

4. عدم تقبل النقد وإبراز الواقع إعلامياً، سواء من الحكام الإداريين أو حتى بعض المواطنين. ككاتب أحياناً أكتب عن بعض المناطق، مررت بتجارب أزعجتني وربما أزعجت الجريدة. أتذكر قبل عدة سنوات اتصل علي مسؤول من إحدى المناطق معاتباً بعد مقال كتبته عن منطقته وقال لي «أكتب عن منطقتك، مالك ومالنا»، رغم أن في ثنايا ما كتبته آراء مفيدة لهم.

أعتقد بأننا بحاجة إلى تطوير بعض الجوانب لمساعدة المناطق الطرفية، وأهمها:

1. تقليص المركزية وتطوير برامج التنمية المحلية فليس كل ما يصلح في المدينة الكبيرة يصلح في الصغيرة أو في الريف.

2. تطوير القيادات التي تمثّل الوزارات في مختلف المناطق بحيث يكون دورهم أكثر إيجابية في تحديد احتياجات منطقتهم وتقديم الحلول المناسبة في الأزمات.

3. تطوير التخطيط بحيث يصبح لكل منطقة خطتها التي يرصد لها الميزانيات الكافية وتمنح الصلاحيات الكافية لإدارتها محلياً.

4. تطوير إعلام المناطق بحيث يصبح فعَّالاً في طرح الواقع لا محاولة تغطيته وإخفائه. لقد تعجبت من استنكار مسؤولي إحدى المناطق كلمة حق قالها مذيع جريء في التلفزيون واعتباره مسيئاً للمنطقة..!

5. تطوير مجالس المناطق ومجالس البلديات لتكون فاعلة في القيام بأدوارها التخطيطية والرقابية. وقد يكون مناسباً دمجها وتحويلها إلى مجالس منتخبة وكذلك تكوين مرجعية إدارية مختلفة لإمارات المناطق. الفكرة سبق تداولها من قبل الإعلام – ومنهم كاتب هذه الزاوية – في فترة سابقة لكنه لم يتم العودة لنقاشها بشكل جاد..

6. تطوير آليات إدارة المشاريع لتكون ملائمة لكل منطقة وبيئة، فما يصلح في المدينة لا يصلح في الريف وما يصلح في الجبل لا يصلح في الصحراء وما يصلح في الجو الحار لا يصلح في الجو المعتدل …إلخ.

نقلا عن صحيفة الجزيرة

زر الذهاب إلى الأعلى