أبرز المواديكتبون

قبل أن تحترق وظيفياً

بقلم: عبدالرحمن السلطان

إجهاد جسدي متواصل، ارتباك نفسي متكرر، يتبعه شعورٌ بالضجر والخمول والانزعاج، ثم افتقاد الشغف والحافز، بالتأكيد ما تعاني منه هو “الاحتراق الوظيفي”!

نسقط في غياهب الاحتراق الوظيفي حينما يمسي العمل أهم من حياتنا الشخصية، بل أهم من كل شيء! فيغيب التوازن بينهما، ولا يعود هناك وقتٌ للراحة والترفيه، أو حتى للنفس أو العائلة! والأسباب متعددة، ولكن أهمها: تصاعد بيئة التنافس في مؤسسات الأعمال، وارتفاع سقف التوقعات، أيضاً عدم احترام بعض المؤسسات لحقوق موظفيها والتعامل معهم بظلم وغير أخلاقية، ناهيك عن عدم الشعور بالتقدير وغياب ثقافة التحفيز، أو عدم التوافق مع ثقافة وقيم المنظمة، مما يؤدي تصاعد الاهتمام بالعمل دون المستوى الطبيعي.

كلٌ منا معرّض للاحتراق الوظيفي، مهما علا أو انخفض مستواه الوظيفي، واللمّاح هو من يتجنب ذلك، حتى يستطيع التقدم إلى الأمام، دون أن يؤثر ذلك على استقراره الذهني وحياته الأسرية، غير أن البشر يختلفون في التعامل مع احتراقهم الوظيفي، وللأسف أكثرهم يحاول تجنب الحديث عنه كما لو كان غير موجود! مما يزيد بؤسهم ويوسع رقعة احتراقهم، حتى تلامس مزاج حياتهم واستقرارهم النفسي، ويتجاهلون أن منظمة الصحة العالمية قد أدرجت “الاحتراق النفسي المهني” ضمن قائمة التصنيف الإحصائي للأمراض! وأن يستهلك ما يقارب ثُمن نفقات الرعاية الصحية في الولايات المتحدة الأميركية، ويتسبب بطريقة غير مباشرة في 120 ألف وفاة سنوياً!

من خلال تجربتي بالعمل في القطاعين الخاص والعام، وحيث سبق أن وقعت في شَرك احتراق وظيفي خاطف، أستطيع أن تلخيص استراتيجيات جمعتها من مصادر مختلفة تساعد على تجنب الاحتراق الوظيفي، أساسها البحث عن غاية ما تقوم به، وأثره على حياتك ومجتمعك، ثم في أن تكون صادقاً بتحديد حدودٍ واضحة بين عملك وحياتك الشخصية، ومنها -أيضاً- محاولة الالتزام بنطاق ساعات محددة، ثم التعرّف على مصادر الضغط في عملك، سواء كان سبباً وظيفياً أو حتى شخصياً، من مديرك المباشر أو حتى منافسة الزملاء، لذا من المهم دوماً الاتفاق على سقف التوقعات من مديرك، الاحتفاء بإنجازاتك ومساهمتك في المنظمة.

المهم دوماً أن تركز على الاهتمام بصحتك النفسية والجسدية، وبالذات تحسين أسلوب الطعام وأخذ قسط كافٍ من النوم. فهي رأس مال حياتك الحقيقي، ثم أن تبحث عن مصادر الاحتراق، والتي غالباً ما تكون بسبب المدير المباشر أو سياسات المنظمة، حتى تتمكن من إدراكها وإيجاد الحلول المناسبة لك.

توازنك الذهني ورفاهية حياتك يعتمد على حالتك النفسية في عملك، سواء كانت موظفاً أو رب عمل، ولكي تواجه خطر الاحتراق الوظيفي لا بد أن تقرّ بالتحدي أولاً، ثم أن تعمل على حل ما تمرّ به، والأهم ألا تقع فيه من جديد.

*كاتب سعودي

نقلاً عن: alriyadh.com

زر الذهاب إلى الأعلى