يكتبون

كبح جماح التضخم والبطالة!

ليس من الممكن في أي دولة من دول العالم القضاء على البطالة، وليس من الممكن أيضاً وقف التضخم تماماً خصوصاً مع الارتباط بالمنظمات التجارية العالمية بأنواعها والتبادل التجاري، ولكن السؤال هل يمكن أن يحصل تخفيف لتصاعد نسبة البطالة وزيادة التضخم؟.

في دولة نفطية مثل المملكة العربية السعودية من الطبيعي أن تكون الخطط في مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية مرتبطة بالدرجة الأولى بتسارع وتيرة التنمية والإنفاق الحكومي، ويلزم أن تكون الرؤية واضحة حول مدى علاقة الجوانب الاجتماعية بالاقتصادية، وبالتالي تلمس مكامن الخلل لدى الفرد والمجتمع، وتفعيل دور الرقابة الداخلية والتربوية من خلال التخطيط في منصات التخطيط والتربية والتعليم والتعلم، وكذلك تفعيل دور العقاب للمسيء والتحفيز بالمكافأة للمواطن المحسن والمقيم الصالح.

ولو اتجهنا للنظر للموضوع من زاوية أخرى مثل الأحداث السياسية فسوف نجد أن التأثر الاقتصادي ومن ثم الاجتماعي يزداد مع الحراك السياسي كمّاً وكيفاً، ولعل عاصفة الحزم المباركة أكبر دليل على ذلك.

ثم لنقم بتغيير زاوية الرؤية كالنظر لموضوع العادات الشعبية والتقاليد وما يصاحبها من ممارسات إنفاقية، لوجدنا أنها من مسببات الغلاء والبطالة المقنّعة والذاتية، فترف العائلات صاحبه تكاسل واعتماد بعض الأبناء على إمكانيات الآباء، وكذلك طمع التجار كان نتيجة طبيعية للقوة الشرائية والتبذير لدى كثير من العائلات السعودية – مع وجود أسباب أخرى لارتفاع الأسعار – ولكن قانون العرض والطلب هو العامل الأول لارتفاع أو انخفاض الأسعار.

وبالطبع ليس من السهل تحديد مسببات التضخم والبطالة بسهولة دون القيام بدراسات مستفيضة ومتابعة تاريخية للارتفاع والانخفاض وربط هذه الأسباب والمسببات ببعضها البعض، ومدى تأثير كل واحدة على الأخرى ومدى تأثيرها المباشر على البطالة والتضخم.

ولكن الاستمرار في مسيرة عجلة التنمية دون مراعاة للخروقات التي قد تصيب بعض أجزائها والمشاكل التي قد تنتج عن إهمال حساب نسبة الخطأ التي قد تصاحب خطط التنمية الاقتصادية بشكل عام، وهي نسبة كبيرة يُحِس بها المواطن ولا يعرف سببها الحقيقي!.. فهنا تكمن المشكلة!،والتي من أسبابها عدم مراعاة المشاكل الكبيرة التي تصيب مسيرة التنمية من إهدار وتبديد للمال العام والخاص ومنها ضعف بعض الخطط، وعدم تكامل العمل بين بعض الوزارات، والغفلة عن استنزاف المال العام لضعف الرقابة، وكذلك التبذير والاتكالية على الغير لدى المواطن.

الموطن هو المتضرر الأول من وجود أو عدم وجود وزارة للاقتصاد والتخطيط، وكذلك من عدم وجود هيئة لمكافحة الفساد إلا أسماً وشعاراً مصحوبة بشعارات رنانة، ولعل إعلان ديوان المراقبة العامة عن صرف 41,980 مليار ريال خلال عام 1435هـ، دون وجه حق وسند نظامي أو تم التراخي في تفعيل إجراءات تحصيلها من الجهات المختصة، يدل على أن نزاهة لم تقم بالدور المأمول!، أما وزارة الاقتصاد والتخطيط فهي خارج التغطية للأسف.

لن أحصر مشاكل التضخم والبطالة في وزارة الاقتصاد والتخطيط ونزاهة ولكن تحرك هاتين الجهتين مهم لأسباب منها: وقف هدر المال العام ومعاقبة، من يختلس، أو يبدد المال بدون وجه حق، أو يتهاون في تحصيل الديون ومستحقات الدولة، أيضاً الاستفادة من هذه الأموال في مشاريع التنمية والتوظيف الحقيقي، ومن جانب وزارة التخطيط فهي المسئولة عن تقليص نسبة الخطأ التي تنتج عن قرارات بعض مسئولي القطاعات الحكومية الخدمية والقطاع الخاص الحكومي، وبالتالي ضمان الاستفادة القصوى من المشاريع التنموية.

الحديث عن تفعيل هيئة مكافحة الفساد يطول وليس من الصعب التخمين فيه، ولكن مفاتيح الربط والتشغيل عند صناع القرار وقيادة الحزم وفقهم الله لكل خير وبارك في عملهم وأعمارهم.

وزارة الاقتصاد والتخطيط تحتاج بالإضافة للتخطيط المدروس والقيادة الفاعلة المتنورة، تحتاج إلى دعم وحزم وفرض، بعد العرض على الوزارات والقطاعات خططها ورؤيتها، فالعمل والتخطيط بدون استخدام سياسة العصا والجزرة سيجعل عملها بنفس النتائج السابقة حتى لو صاحبها بعض الوهج الإعلامي الذي يزول مع أدنى أزمة اقتصادية!.

لعل للحديث بقية عن الجهات والقطاعات التي من شأنها رفع نتائج التنمية وتقليص المصروفات الوهمية!، وخفض نسبة البطالة الحقيقية وموازنة أرقام التضخم.

*كاتب سعودي

زر الذهاب إلى الأعلى