يكتبون

“اركد” يا روحاني

ذكرني تصريح الرئيس الإيراني حسن روحاني عن مسألة أسعار النفط, وتحميله المسؤولية للكويت والسعودية بهذا الشأن ببيان العدوان الذي أصدره صدام حسين عام ,1990 ضد كل من الكويت والإمارات والسعودية, ومهد فيه لغزو بلادنا.

يومذاك, قال صدام إن: “هذه الدول تسعى إلى قطع رزق العراقيين… قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق”, متناسيا كل الدعم الذي قدمته هذه الدول لبلاده, والبالغ نحو 40 مليار دولار, إضافة إلى ما تحملته من أعمال إرهابية ضدها نتيجة مغامرته التي استمرت 8 سنوات, وسقط فيها أربعة ملايين نسمة بين قتيل وجريح ومعاق, و600 مليار دولار خسائر مباشرة وغير مباشرة, وهدم البنى التحتية وإغراق اقتصاد المنطقة ككل, وليس العراق وإيران وحدهما بدوامة من الأزمات.

ما طلبه صدام حسين حينها من دول الخليج كان تعجيزيا, وصل إلى حد التنازل عن السيادة في بعض المناطق, وكل ذلك بزعم أنه حمى البوابة الشرقية من الغزو الفارسي, علما أنه من فتحها على ريح الحرب.

بعد بيانه الشهير بأيام عدة دفع بقواته إلى احتلال الكويت الذي انتهى بقيام تحالف دولي للمرة الأولى في التاريخ وأُجبر على الاندحار, لكنه لم يرعو إذ بقي على تعنته متنطحا أنه يستطيع إحراق المنطقة بأسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها لينتهي الأمر بعد 12 عاما من الحصار إلى أن ليس لديه أي شيء مما زعم, وطويت صفحته فجر عيد الأضحى عام 2006 على أعواد المشنقة.

كان من الضروري سرد هذه الوقائع, بما تحمله من مرارات, لتبيان مدى قصور النظر, والجحد الذي يحرك النوازع الديكتاتورية عند بعض الحكام, وهو ما ينطبق على روحاني الذي يبدو أنه لم يقرأ جيدا أوضاع بلاده الاقتصادية الرازحة تحت أزمات معقدة لا تؤهلها لخوض أي صراع, بل كان عليه أن يفكر مطولا بموقف وزير نفطه الذي لم يعارض في اجتماع “أوبك” الأخير وجهة نظر وزير النفط السعودي علي النعيمي حين بيَّن مخاطر خفض الإنتاج على دول المنظمة ككل, حينذاك, وافق بيجان زنغنه, بل زاد على ذلك أنه “عين الصواب”, فهل عين الصواب التي رأى فيها وزيره باتت كليلة اليوم, أم أن شهوة العدوان بدأت تحرك السياسة الإيرانية؟

قبل أن يحمل روحاني الكويت والسعودية مسؤولية انخفاض أسعار النفط وتأثر بلاده به, كان من واجبه وقف صرف المليارات على التدخل بالشؤون الداخلية لليمن والبحرين والعراق ولبنان, ومحاولاتها المستميتة زعزعة الأمن في جنوب السعودية عبر الدمى الحوثية في صعدة, ومن قبل في الأرجنتين وغيرها من دول أميركا اللاتينية, وأن يوفرها لدعم اقتصاد بلاده المنهار نتيجة الممارسات العدوانية التاريخية ضد العديد من الدول, ما أدى في نهاية المطاف إلى عزلها وحصارها, ورزوح 14 مليون مواطن تحت خط الفقر في دولة من اغنى الدول.

ألم يكن الأولى بروحاني وغيره من قادة إيران أن يوفروا كل هذه المليارات لمواجهة المؤامرات الأوروبية والغربية والأميركية, وحتى الخليجية عليهم, كما يزعمون, أم أن العجز أصابهم بعمى بصيرة فراحوا يغلفونه بالاتهامات التي لا شك ستزيد من ابتعاد العالم عنهم؟

لروحاني نقول: بهذه اللغة شق صدام حسين طريقه إلى إفقار بلاده وتدميرها بحروب تنطح لها وكانت أكبر من قدراته بكثير, فهو في لحظة ما توهم قدرته على احتلال السعودية والكويت والمحمرة, بل تسيد العالم العربي بالابتزاز والترهيب, لكنه كان يحفر قبره بيده, ولذلك يا شيخ روحاني الأفضل في مثل ظروف إيران “الركود” وهذه الكلمة تعني عند العرب الهدوء والسكينة, لذلك “اركد” ولا تحفر قبر نظامك بيدك.

نقلاً عن صحيفة “السياسة”

 

‫7 تعليقات

  1. كلام جميل لأستاذنا الكبير وكنا نتمنى ان يكون موجه من قيادتي البلدين في الكويت والسعوديه كرد رسمي من الحكومتين حيث ان اتهام روحاني استفزازي ويستحق الرد عليه وتصعيد الموقف مع ايران وتحذيرها من التدخلات في شئون دولنا والرد عمليا ان امكن حتى لو بقطع العلاقات وذلك اضعف الأيمان

  2. والله ما نكبنا بها الخليج الا ربعنا مثلك وشرواك اللي تقاسموا
    الثروات مع الامريكان املا في حماية وهمية
    وتركوا البلاد والعباد بلا حماية ..
    والآن تحاولون جر المجوس الى فتنة حتى ياخذون الديار منا
    وانتم الى فقيع ..

زر الذهاب إلى الأعلى