يكتبون

الباطنية ظهرت من جديد

استخدام الاٍرهاب والعنف “مذهب ظاهره الرفض وباطنه الكفر المحض” بهذه المقولة اختصر حجة الإسلام الغزالي رحمه الله تعالى في كتابه “فضائح الباطنية” تجربته ومعرفته عن الحركة “الباطنية” في عصره، المقولة سارت مسير الأمثال عن الباطنية بكافة شعبها وأجنحتها، هذا الموقف عن الغزالي، وهومتكلّم فيلسوف إسلامي كبير يدلّ على مدى خطورة التغلغل الباطني وتمدده آنذاك. الخطر الباطني في عهد الغزالي كان تحديا كبيرا للعالم الإسلامي، فالغزالي الذي لم ينقل عنه موقف عن الصليبين ألّف في الباطنية كتابا نظرا إلى ضخامة الخطر والخطورة المتمثّلة في التيار الباطني. الرؤية التي تطرح في الغالب عن “الباطنية” بأنها عصابات مسلّحة زاحمت الحكام والملوك خاصة دولة السلاجقة، وأنّ ظهورها يرتبط بمظالم الحكام ومساوئهم، في الحقيقة صورة قاصرة عن الحركة المذكورة، لأن الباطنية استهدفت الدين والفكر والثقافة الإسلامية قبل الملوك والحكّام، وتغلغلت في البلاد المختلفة، وتمددت في أوساط الناس على أخطاء الحكام وأمراء الجيوش، وإنها كانت حركة شمولية تحدّت الأمة في كافة مجالات الحياة ومن أهمها العقيدة، وكانت دعوة باطلة في العقيدة والفكر والسياسة قبل أن تكون عصابة إرهابية مسلحة. أشار الدكتور “على الصلابي” في كتابه “دولة السلاجقة” إلى أساليب دعاة الباطنية التي حاولت من خلالها خداع جماهير المسلمين لتحقيق أهدافهم، منها:1- مظاهر التدين، 2- الانتساب إلى آل البيت والدعوة إليهم،3- نصرة المستضعفين،4- استمالة بعض رجالات الدولة والتنسيق معهم، 5- استخدام الإرهاب والعنف. بعض الحركات المعاصرة التي تطلق بين ليلة وضحاها هتافات المقاومة الإسلامية وتحرير القدس والأقصى، وهتافات نصرة المستضعفين والمظلومين، وهتافات الإسلام الخالص الذي يحارب الصهاينة والشيطان الأكبر، والتي يدعي قادتها الانتساب إلى أهل بيت الرسول الكريم، ويبثّ دعاتها قصص مظلوميات كاذبة لأهل بيت النبوة، والتي يتردّد دعاتها إلى هذا البلد وذاك البلد،لاستمالة القادة والرموز والمرجعيات الدينية للتنسيق معهم في مجالات مختلفة، والتي تقوم بتصفية شخصيات وقادة ورؤساء دول أحيانا، والتي تبثّ العنف والإرهاب في المجتمعات الإسلامية من خلال إثارة النعرات الطائفية البغيضة بين الأقوام والمذاهب، تعيد في أذهاننا أساليب الباطنية المذكورة آنفا في خداع جماهير الأمة، وتذكّرنا بأنّ “الباطنية” ظهرت من جديد لتتحدى الأمة الإسلامية بجانب الاحتلال الصليبي الجديد.

*مستشار في وزارة العدل

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى